د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
في مساء الثلاثاء الماضي توشحت بلادنا قراراً سامياً تاريخياً أُشعلت فيه فوانيس الضوء بقناعات جديدة واعية تتواشج مع ممكنات الحياة؛ قناعات انطلقت من قيادة حكيمة رأت في اعتماد التعامل مع قيادة المركبة للرجال والنساء «على حد سواء» كما ورد في الأمر السامي الكريم رأته حقا ومشعلا من مشاعل احترام قيمة المرأة لتكون فاعلة في بلادها ؛ ولتعانق منصات التنمية؛ ولتبتهج بمكانها في وطن لا حدود لمآثره الفاخرة،
هذا القرارُ ولات بعدُ قرارُ
إن النِّسَاء شقائق أنصارُ
أما نحن فقد رأينا الأمر السامي الكريم تحولا ذهنيا باذخا يشرق من ألوان النهوض المبهرة، فقيادة المركبة مما أباحه الشرع من نصيب الناس من الحياة الدنيا {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (سورة القصص 77)، واعتماد التعامل معها وتنظيمها صدر من ولي الأمر بأمر سام كريم، أما أسلوب التلقي والتنفيذ فلكل أناس مشربهم « والقرار السامي استندتْ مفردات نصه على الضوابط الشرعية في مكونات القرار ومنطلقاته وأن التنفيذ سوف يتم وفق الضوابط الشرعية أيضا، ومما أضاء مفاصل الأمر السامي الكريم تأكيد القيادة الرشيدة أن بلادنا حارسة للقيم الشرعية وأنها تعتبر المحافظة عليها ورعايتها في قائمة أولوياتها، سواء في شأن قيادة المرأة للسيارة أو غيره، ونحن نعلم أن جل قرارات التحول الاجتماعي يفصل في صوابها القرار السياسي، ونعلم أيضاً أن هذا القرار السامي تجاوز قلاع الأوقات المناسبة التي كان يتوكأ عليها حينما كانت قيادة المرأة للسيارة في سالف الأوقات من الصناديق المحذور فتحها.
كما نرى أنه من الأهمية قراءة القرار السامي من كافة مصفوفاته، ومراحل نموه منذ أن كانت قيادة المركبة محرمة على النساء دون دليل شرعي إلا من باب سد الذرائع وأن تلك الذرائع هي مما يحيط بالرجال والشباب من تقاصر الوعي الأخلاقي عندهم؛ ولكن واقعنا يثبت مع توالي الأيام أن شباب بلادنا أخيار أكفاء أوفياء فيهم من الغيرة والحمية ما هو وسم لهم نالوا شرف استحقاقه في الداخل والخارج إلا من بعض نزر نشاز؛ وأولئك دونهم منعٌ، وشرع قويم، ونظام صارم حكيم.
كما نرى أيضاً أن القرار السامي الحكيم إصلاح اقتصادي ودعم اجتماعي ودود، وضبط أمني ونفسي عميق النظرة حيث إن التصاق السائق الأجنبي بالأسرة خاصة الأطفال منهم يؤدي في غالب الأحيان إلى كوارث أخلاقية؛ وهناك إحصاءات من جهات رسمية تشير إلى ذلك؛ وينسحبُ ذلك على ركوب البنات في مراحل متقدمة من العمر مع سائقي شركات النقل الخاصة وفي كل الحالات فالخلوة بالسائق محرم نصاً في الشرع المطهر.
كما أن القرار السامي استشراف لواقع تنموي نسائي واسع سوف تبنيه النساء في بلادنا، فمما حدّ من مساهمة المرأة في كثير من الجوانب التنموية المتاحة هو صعوبة التنقل؛ ونرى أيضا أن القرار السامي أيضاً طوق ثقة نقشته قيادتنا الرشيدة لتتزين به النساء في بلادنا وأمام العالم، ووشم استثنائي حديث حيث كان الرهان على قيادة المرأة للمركبة مستحيلاً، فمرحى لهذا القرار التنموي العادل والإرادة السياسية الحكيمة،
يا موطنا لَبس النساء قلائدا
فيه تدلتْ مثل زُهْر الكوكبِ
وخريدةٌ تلقى حفاوة موطني
أحلى وأشهى من ربيع مُخصبِ
قد كنتُ قبل اليوم أعشقُ وِرْدكُم
واليوم أشعلُ من ضياكم مركبي.