نعيش هذه الأيام لحظات تاريخية، وأيامًا مشرقة محمّلة بالآمال والطموحات، برؤية إنجاز يسطره التاريخ بحروف من ذهب، باسم ملك الحزم والعزم، حين سمح -أيده الله بنصره وتوفيقه - بقيادة المرأة السعودية للسيارة.
لطالما كانت هذه الخطوة المهمة في تاريخ المملكة، حدثًا مهمًا تنتظره الكثير من الأسر والسيدات، لظروفهن الملّحة التي حالت في بعض الأحيان من ممارسة حياتهن الاجتماعية بالشكل الطبيعي، ومن أداء أدوارهن الخدمية والعملية نحو المجتمع بالشكل المناسب.
هذه الخطوات المتسارعة إلى الأمام نحو المستقبل الواعد الذي ينتظرنا وينتظر أبناءنا وأحفادنا من بعدنا، سيسهم بمشيئة الله بعديد من الإيجابيات الاجتماعية والاقتصادية، التي سيكون تأثيرها بشكل مباشر أو غير مباشر، وسواء على المدى البعيد أو على المدى القصير، فعلى سبيل المثال سيسهم هذا الأمر السامي الكريم بالحد من التحرشات أو المضايقات التي قد تحصل من بعض السائقين الخاصين أو سائقي الأجرة، وما قد تحصل من آثار نفسية سلبية جراء تلك التحرشات، والمتأمل لمضمون الأمر السامي الكريم بالسماح للمرأة بالقيادة وما تبعه من أمر سامٍ لصاحب السمو الملكي وزير الداخلية بالشروع في إعداد نظام للتحرش يؤكد ما جاء في الأمر السامي من أن السماح مربوط بموافقته للضوابط الشرعية، وكذلك تأكيد على أن الدولة كما كانت دائمًا - بعون الله - حارسة القيم الشرعية، ولن تتوانى الدولة في اتخاذ كل ما من شأنه الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته. كما أن المأمول بإذن الله أن اللجنة العليا والمشكلة من وزارة الداخلية والعمل والتنمية الاجتماعية والمالية ستقوم بوضع إستراتيجية واضحة ومحددة تضمن السلامة والحريّة للجميع وفق الضوابط المشار إليها.
كما لا نغفل حقيقة أن من الإيجابيات المهمة لهذا القرار، وهي عدم اضطرار المرأة العاملة للانتظار طويلاً في الأرصفة والشوارع بانتظار السائق للذهاب إلى عملها، وقد يمنع في بعض الأحيان عدم قيادة المرأة بالقبول في بعض الأماكن بسبب بعد المكان أو لعدم وجود السائق.
واستكمالاً لتلك الإيجابيات أيضًا أن قيادة المرأة ستسهم في خفض التكلفة الاقتصادية على الأسرة أو السيدة بوجه الخصوص من خلال عدم اضطرارها لدفع مرتب لسائقها الخاص، أو لدفع مصاريف الأجرة والتنقل، فإذا نظرنا إلى الحد الأدنى للرواتب، سنجد أن نصف الراتب قد ذهب في مصاريف التنقل، وكذلك أيضًا ستخفض قيادة المرأة من استهلاك الوقود، فعلى سبيل المثال حين تذهب المرأة إلى مقر عملها أو لدراستها، وبعد ذلك سيقوم السائق بالعودة إلى المنزل ومن ثم سيعود لاحقًا ليأخذها إلى المنزل، ولكن إذا كانت من تجبرها الظروف قيادة السيارة بنفسها، سيختصر كثيرًا من رحلة العمل.
ومن الإيجابيات غير المباشرة أيضًا خلق عديد من فرص العمل للسيدات، سواء في شركات التأمين في أقسام البيع المباشر، أو من خلال التحاقها بأقسام الشرط والمرور مستقبلاً، أو في مدارس تعليم القيادة، وغيرها من الوظائف الأخرى المرتبطة بها.
ولتحقيق نجاح تطبيق هذا القرار يجب على كل فرد من أفراد المجتمع أن يتحلى بتعاليم دينه الحنيف، الذي ينص على احترام الغير، وغض البصر، وإعطاء الطريق حقه، واعتبار أن كل امرأة هي بمنزلة أم له أو أخت له أو ابنة له، ويجب أيضًا على المؤسسات التعليمية أن تواكب هذا القرار من خلال توعية الطلاب على آداب الطريق واحترام الآخرين.
ختامًا أحببت أن أنوه أن الظروف ولله الحمد مهيأة للجميع والنظام يكفل حماية كل فرد، ونحن نعيش بفضل من الله في ظل قيادة حكيمة تسعى دومًا أن يكون هذا الوطن في مصاف الدول العالمية، وأن تحقق رغد العيش لأبنائه وبناته، وأن الدولة حفظها الله قد سمحت بقيادة المرأة، وسيظل الرأي في نهاية الأمر لرب الأسرة لن يجبره أحد على قيادة السيارة لأحد من أفراد أسرته.
** **
- نواف بن عبدالعزيز آل الشيخ