د. عبدالرحمن الشلاش
مارثوان طويل جداً من الجدل حول قيادة المرأة السعودية للسيارة حسمه الملك الشجاع سلمان بن عبد العزيز في الأمتار الأخيرة، وفي لحظة تاريخية للمرأة السعودية منحتها حقاً مشروعاً. أكثر المتفائلين لم يكن يتوقع أن يصدر الأمر السامي في هذا التوقيت المبكر من العام ليصادف الاحتفالات باليوم الوطني وانطلاقة العام الدراسي والبدايات الأولى للعام الهجري ووسط ظروف متنوعة تمر بها المنطقة، وتباينات فكرية ليست فقط حول قيادة المرأة للسيارة وإنما حول عديد من القضايا المطروحة.
حسم الملك سلمان الجدل بالسماح للمرأة بقيادة السيارة والحصول على الرخصة، ليضيف لمكتسبات المرأة السعودية سطراً جديداً ناصعاً وبراقاً يثبت اهتمام الدولة بالمرأة الأخت والأم والزوجة والابنة، فهي في مسار جاد من سنوات لتستوفي لها كل حقوقها المدنية. كل ما في الأمر أن رخصة القيادة الآن متاحة أمام الجميع دون إجبار لأحد فمن أراد الحصول عليها فله الحق، ومن لا يرغب فمن حقه أن يمتنع ويمنع حريمه، أما فرض الرأي من قِبل فئات فهذا قد مضى وقته .
السماح بمنح المرأة رخصة القيادة جاء عن قناعة راسخة من الدولة بكم الإيجابيات المنتظرة من القرار، وقد كتبنا عنها خلال السنوات الماضية عبر مقالات. لم يقصر الكتّاب في تبني هذا الموضوع، بل إنّ الإعلام قد أسهم في زيادة نسبة الوعي لدى كثيرين ومهد الطريق ببيان رأي الدين والنظام في سواقة المرأة، ثم آراء علماء هذه البلاد المؤيدة وفقاً لنصوص الدين بعيداً عن المزاج والهوى .
لا يمكن قبول الدولة بحرمان أرملة أو مطلقة أو حتى امرأة متزوجة وموظفة وطالبة وسيدة أعمال، وقعت كل واحدة منهن تحت رحمة أب أو زوج أو أخ أو أبن، يمنّ عليها أو ربما يساومها من أجل أن يوصلها لمشوارها . أيضاً امرأة مقطوعة ليس عندها أحد يتولى إيصالها. ما ذنبها تنقطع عن الحياة لمجرد أنّ ثلة منغلقة ترى حرمانها بل تسعى جاهدة لإجهاض أي محاولة لمنحها حقوقها وتتبنّى كل تحرك للوقوف في وجه أي قرار منصف لها، وإعاقة مشاركتها في الحياة الاجتماعية واغتيال إيجابيتها وإطفاء حماستها، ونقض غزلها. في وقت كانت هذه الفئة ترضى بأن تركب مع السائق الأجنبي في خلوة يحرمها الدين. سائق يستغلها ويحملها مبالغ طائلة. القضاء المتوقع على هذه السلبيات كله إيجابيات بحد ذاتها لا يمكن حصرها أو تعدادها.
مبروك للمرأة السعودية ويبقى الأمل في التطبيق الدقيق للأمر السامي، تحاشياً لأي سلبيات قد تصاحب التنفيذ مثل مخالفة أنظمة المرور أو التعدي على النساء من قِبل بعض الجهال والمراهقين، بفرض العقوبات الصارمة التي تضع كل سفيه عند حدِّه.