سلمان بن محمد العُمري
جعل الإسلام الشفاعة الحسنة من الأمور التي يثاب فاعلها، فكانت مندوبة في الإسلام وفي أحيان جعلها واجبة على البعض، والشفاعة الحسنة هي من الحلول في بعض القضايا الخلافية، وهي التي تستخلص حق المظلوم، وتنصف الضعيف والمهضوم حقه، ولا تقدم مرجوحاً على راجح، بل على العكس تثبت للراجح حقاً على المرجوح.
يقول تعالى: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا} ومن قوله تعالى نستنتج أن هناك شفاعة أخرى وصفها سبحانه بالسيئة، وهي التي نسميها نحن في العرف الاجتماعي والحياة اليومية بـ (الواسطة) بمعناها الغالب، وهي أنها غالباً تكون لترجيح مرجوح، وتقديم مؤخر، وأخذ حق إنسان، ومنحه لآخر لا يستحقه، ووضع إنسان في غير مكانه المناسب.
إن الشفاعة الحسنة مندوبة ومطلوبة، بينما السيئة محرمة، ويجب التمييز بينهما، لأن الخلط بينهما قد يؤدي لنفور وعزوف بعض القادرين - وللأسف عن الشفاعة الحسنة خشية من أن يكون عمله جرياً وراء الواسطة، كما قد يخيل إليه.
إن استعمالنا كلمة الواسطة أو الوساطة في حياتنا اليومية يجب أن يكون محدداً وواضحاً، فإذا كانت الواسطة في جانب الحق والعدل فهو الخير، والخير هنا يجري ويصب في مسار الشفاعة الحسنة، وهي ضريبة للجاه والعلم والفضل، وأما إن كانت في جانب الظلم والجور والحيف ولا حول ولا قوة إلا بالله فهي مرفوضة قطعياً، وحرام شرعاً.
إن الإحجام عن الشفاعة الحسنة هو عمل سلبي لا يجوز ممارسته من قبل الإنسان المسلم، وذلك فيما إذا تأكد أنه بإمكانه أن يغيث ملهوفاً، أو ينصر مظلوماً، أو يقف مع من لا حول له ولا قوة، أو يساعد من يحتاج للمساعدة حقاً، وعمله بهذا يدخل في الإطار الذي حدده الحديث النبوي الشريف (من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)، ويشملها قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، الذي اشتمل على النهي عن التعاون في إطار الإثم والعدوان، وهو الإطار الذي يشتمل على الشفاعة السيئة.
ويبقي لنا عاداتنا الإيجابية والسليمة التي ارتضاها لنا رب العباد، وفي هذا خير لنا إن شاء الله على مر الايام, والله ولي التوفيق.