ياسر صالح البهيجان
سارت المملكة على العز والمنعة طيلة 87 عامًا منذ تأسيسها، لم تنحنِ يومًا لقوى استعمارية، ولم تبع شبرًا من أرضها لظالم، ولم ترضخ لأي ضغوط خارجية، ظلت شامخة بدينها وقيمها وثقافتها تمامًا كأصالة الرمال وسط الصحراء. عقود توالت ولا تزال شاهدة على حكمة القيادة وسلاسة انتقال الحكم وتعاضد الحاكم والمحكوم في مشهد وفاء لم تهزّه الأحداث من حوله، بل استمر رأسيًا كرساوة الجبال التي لا تأبه للرياح وإن اشتدت.
عقود مرّت كانت حافلة بمبادرات السلام التي أطلقتها القيادة السعودية في شتى القضايا، ساهمت في حل نزاع الحرب الأهلية اللبنانية بعد أن كانت رحاها تطحن اللبنانيين، ووضعت خارطة طريق لتصالح الفصائل الفلسطينية نصرة للقضية الأولى في وجدان كل عربي، ودافعت عن شعوب عربية وإسلامية عانت من الظلم والاضطهاد والتقتيل والتهجير، كانت ولا تزال بحق مملكة القيم السامية والعدالة انطلاقًا من دستورها المقدس كتاب الله وسنة الرسول الكريم.
سنوات انقضت والمملكة لا تزال تنجز أعظم التوسعات في تاريخ الحرمين الشريفين، وتوفر أرقى الخدمات لضيوف الرحمن. تستقبل الملايين منهم بسعادة وترحيب. وتسخر كل إمكاناتها المالية والبشرية لتسهيل مهمة قدوم المسلمين إليها من أصقاع المعمورة كافة، وأثبتت بأنها خير من يؤتمن على المقدسات الإسلامية بجودة تنظيمها وبالنفقات السخية التي تعادل أضعاف ميزانيات بعض الدول.
أعوام تتابعت ومملكتنا تقف في خط الدفاع الأول ضد التطرف والإرهاب، تارة تحارب رموزه ومموليه، وتارة تدعم الجهود الدولية لتجفيف منابعه، ومثلت قوة إقليمية في حفظ الأمن والسلام بمنطقة الشرق الأوسط، وعملت ولا تزال على نشر قيم التسامح والتقارب بين الأديان والشعوب وفق مبدأ التعايش الإنساني المشترك بما يصون حقوق المجتمعات، ويحفظ للبشرية كرامتها.
سنوات عديدة أرّخت لمراحل التنمية والتطوير والبناء، جامعات كبرى شيّدت، ومستشفيات ضخمة أُسست، وهيئات إنسانية بُنيت، ولا تزال مستمرة في التطور والنمو وفق رؤية طموحة تسعى إلى المضي قدمًا نحو الازدهار الإنساني والاقتصادي والعمراني، وبسواعد أبنائها المخلصين والوطنيين الذين يمثلون وقودها الحقيقي وثروتها الدائمة.
ستظل المملكة بمشيئة الله ظلاً وارفًا للعرب والمسلمين، وعزيزة بقيادتها الحكيمة وشعبها المخلص، وستبقى رمزًا للإنسانية والتسامح والمحبة، دام عزك يا وطننا، ودمت لنا شامخًا وأبيًا.