فهد عبدالله العجلان
لم يكن من الحكمة ورجاحة العقل المنحى الذي سلكه بعض المغردين والمغردات باستثمار الأمر السامي الكريم بتمكين المرأة السعودية من قيادة السيارة، باعتباره تسجيل هدف في مرمى تيار أو آخر, فالأمر كان متوقعاً ومتوافقاً مع تطور المجتمع السعودي واستجابة لأولويات المرحلة, هذا الأسلوب في تحويل قضايا المجتمع وحقوق أفراده إلى ميدان لتصفية الحسابات، لا ينسجم مع روح الأمر السامي ولا يدعم تطور المجتمع الطبيعي , فالأمر السامي جاء استجابة منطقية للوعي المجتمعي السعودي الذي بات يدرك واقع التحديات التي تواجهها المرأة السعودية، وتستلزم إعادة النظر في واقع الحظر الذي عاشته عقوداً لأسباب اجتماعية وأُسرية وتنظيمية, وخلال الأشهر العشرة القادمة ستتأهب المرأة السعودية لتمارس حقها في قيادة عربة كان النظام يسمح بتملُّكها لها دون قيادتها, وستنضج خلال المرحلة وقبل دخول النظام حيّز التطبيق مرئيات اللجنة المشكّلة لدراسة الترتيبات اللازمة لتنفيذ الأمر السامي, والتي ستضمن ضوابط أمن المجتمع وسلامته وتوفير الضمانات الشرعية والنظامية، وهو ما يبدد الهواجس والشكوك التي حاول التيار الآخر أيضاً وبشكل سطحي إثارتها في وسائل التواصل الاجتماعي، لإفساد فرحة المجتمع، وخصوصاً المرأة، بهذا الأمر السامي الصائب.
حاول البعض تمرير معلومات إحصائية وخسائر اقتصادية نتيجة حظر قيادة المرأة للسيارة، واندفعوا باتجاه أنّ السماح للمرأة بالقيادة سيوفر على المجتمع مليارات الهدر من الريالات التي تنفق على السائقين ووسائل المواصلات التي لم تنشأ الحاجة لها إلا بسبب هذا الواقع, لكن الحقيقة أنّ هذا الطرح السطحي يحمل في ثناياه إنكاراً لحق المرأة في أن تتنقّل في مدن بلادها بحرية كما يفعل أخوها الرجل، وفق الضوابط الشرعية التي تفخر المملكة العربية السعودية أنها المظلة الجامعة لكل قرار وتطور مجتمعي, وقد حمل الأمر السامي الكريم رداً شافياً وواضحاً للخارج، أنّ قرار قيادة المرأة للسيارة شأن سعودي خاص وقرار مستقل، تدرك المملكة العربية السعودية أوان وكيفية تنفيذه متى شاءت, لتسقط رهانات من ساوموا لعقود إرادة المجتمع السعودي من خارج الحدود، غير مدركين لحجم الصلة بين القيادة والمجتمع، ودرجة استقراء الأولويات في كل مرحلة.
أخيراً نبارك لأمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وجميع فتيات هذا الوطن المبارك، كما نبارك للرجال، هذا القرار التاريخي الذي استجابت له القلوب والحناجر بالأمس بشكل عفوي لتضج البيوت والمجالس بعبارة: «عاش سلمان».