د. أحمد الفراج
شخصيا، لم أكن أتوقع أن يطيل الله في عمري، وأكون شاهدا على احتفال السعوديين بيومهم الوطني بالشكل الذي ظهر به، لا من حيث التنظيم المبهر، ولا من حيث احتفاء الشعب بكل أطيافه بهذا اليوم المجيد، حيث خرجت الأسر، رجالا ونساء، وشيوخا وشبابا، إلى الميادين المعدة لهذه المناسبة الوطنية الغالية، وشاركوا، واستمتعوا بالعروض المقدمة، وفرحوا كما تفرح كل شعوب الأرض، وأجزم بأن هذه الإحتفالات الجميلة، كانت ايذانا ببدء عهد جديد، لا مكان فيه لأعداء الفرح والحياة، الذين حرموا الناس من كل ترفيه برئ لمدة طويلة، وأعني هنا الحزبيين، وصحوتهم التي سيّست الدين، واستخدمته لأغراضها الدنيوية، ومشاريعها المشبوهة، وكانت نتيجة ذلك كارثية بكل المقاييس .
كان مجتمعنا طوال تاريخه مجتمعا برئيا وطبيعيا، يفرح ويحتفل، حتى تسلط أقطاب الإسلام السياسي على المجتمع، وتغلغلوا في كل مفاصل البلاد، فحرّموا الفرح المباح شرعا، ولأنهم يتلبسون بالدين، فقد استطاعوا خداع عامة الناس، وعندما تمكنوا من السيطرة على كل المناشط، خصوصا النشاط اللاصفي في التعليم، غرسوا مفاهيم الإسلام السياسي، التي تؤكد على أن المجتمعات الإسلامية جاهلية، ويجب انقاذها!، وهذا هو أول باب لزرع التطرف والتكفير، ونتج عن ذلك تجنيد شباب الوطن لبؤر الصراع، بعد أن تم تزهيدهم بالحياة بكل الطرق الممكنة، فأصبحوا وقودا لصراعات القوى الدولية، ومعارك الإستخبارات العالمية في كل مكان.
اليوم، وبعد الكثير من العمل الجبار، الذي قامت به الدولة، وبمساندة من الوطنيين المخلصين في إعلامنا الوطني، والذي أسفر عن كشف حقيقة تجار الدين الحزبيين، خصوصا بعد قرار المملكة بمقاطعة قطر، ووقوف الحزبيين مع نظام الحمدين ضد بلادهم، تبين لعامة الناس مدى الخديعة الكبرى التي كانوا ضحية لها، وبالتالي عاد الشعور الوطني جارفا، وهو شعور فطري تلقائي، يشعر به كل من لم يتلوث بالتحزب، ولم تتم أدلجته على التشدد والتطرف وكره الآخر، وكان مثيرا للسخرية أن تقوم خلايا نظام الحمدين المستأجرة من الخارج بمحاولات لتعكير صفو احتفالاتنا بيومنا الوطني، وهي المحاولات البائسة، التي تكسرت على صخرة الوعي الشعبي، فقد تصدى المواطنون لعبث هذه الخلايا بجدارة، فهنيئا لنا بهذا الوطن العظيم، الذي احتفل المواطنون بعيده كما لم يحتفلوا من قبل، وهنيئا لنا بهذا الوعي الشعبي، والروح الوطنية، وهذا ما يبشر بمستقبل جميل وواعد.