«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
ماذا يعني أن تكون جداً للمرة الأولى. هل يا ترى يتغير معنى الأبوة ذلك الإحساس الجميل الذي يشعر به كل أب تجاه أبنائه ويزاد قوة ويتضاعف الإحساس به يوماً بعد يوم عندما يكبر الأبناء ويمضي العمر وإذا بأحدهم قد أصبح أباً وراح يشعر بما كنت تشعر به من مشاعر وأحاسيس لا يمكن وصفها. لكن ما هو شعور هؤلاء الآباء عندما باتوا يحملون الاسم الخالد والمحبب (جدي).
الصدفه وحدها جمعتني مع بعض المعارف وحتى الزملاء وجميعهم وبكل فخر واعتزاز أصبح لهم «أحفاد» رغم أن بعضهم والحق يقال ما زال يسير الهوينى في عقده الرابع. فرحت أطرح عليهم سؤالاً كان يلح في ذهني كيف هو إحساسه بعدما بات «جداً» يشار له ببنان أحفاده. فقال أبو فالح وقد تجاوز عقده الخامس: لا تتصور كم هو شعوري وأنا أحمل حفيدي أو حفيدتي عندما نجتمع أسبوعياً في بيتي أو عندما يصادف حضورهم مع أمهاتهم لزيارتنا بين فترة وأخرى.. بل إنني أكاد أشعر بما كان يشعر به والدي عندما كان يحملني بين يديه -رحمه الله- ويقبلني بل ويسارع إلى إخراج ما كان يضعه في جيبه ما توفر لديه من بعض قطع «الحلويات» أو الشكوليت أيام زمان.
وأضاف مبتسماً: أكيد يا أستاذ شعرت بما أشعر به. فأجبته بالطبع لكنني أحببت أن أعرف مشاعركم تجاه هذه العاطفة الهامة في حياة الآباء والأجداد.
وقال أبو سعد وهو كان مديراً عاما لإحدى الإدارات بالمنطقة والآن يدير مع أولاده شركة تجارية ناجحة فقال: مشاعر الجد نحو أحفاده لا تعادلها مشاعر والفرحة بوجودهم حوله لا مثيل لها، وغالباً ما يصحب لحظات اللقاء بهم مشاعر مختلفة لا يمكن وصفها ولا حتى أختصارها في كلمات تنشر أو تكتب؛ واستطرد قائلاً لا تتصور أنني أحرص على شراء كل ما أجده مقبولاً لديهم بدءاً من الحلويات ومرورا بالآيسكريم ووصولاً لمختلف الألعاب صغيرها وكبيرها.
إنني أشعر بمتعة كبيرة وأنا أراهم حولي يتقافزون ويلعبون أو يقبلون على بسعادة طالبين مني أن أعطيهم (حويجه) قالها والابتسامة ترسم على محياه مشاعر عظيمة. عندما التفت إليه أبوفالح قائلاً: لقد ذكرتني «بالحويجه» التي كان جدي -رحمه الله- يحرص على أن يحضرها كل أسبوع من «سوق الخميس» وكانت عبارة عن «حلوى البغيطه» أشهر حلوى أيام الماضي.
ورداً على ذات السؤال عن مشاعره وهو يحمل مسمى «الجد» قال أبو فهد: يا الله لا يمكن وصف مشاعري عندما زرت زوجة إبني في المستشفى وبعد ولادة حفيدي الأول «عبدالله» وصدقوني لقد أغرورقت عيناي بالدموع واحتضنته بشوق ولهفة.. وما زلت حتى اليوم رغم أنه بات ولله الحمد طالباً في الجامعة إلا أنني أتذكر تلك اللحظات والمشاعر التي لا تنسى.. والتي تنامت وباتت حباً أبوياً دائماً.
أما أبو فراس وهو رجل تربوي متقاعد فقال: أن تكون جداً فهو شعور جميل وما زلت أذكر أنني بكيت عندما احتضنت حفيدتي الأولى وإنتابنى شعور غريب مفعم بالحب والعواطف الجياشة وأنا أتمنى بيني وبين نفسي أن أجلس في «ملكتها» وأن أعيش لحظة فرحها بالزواج.. ولله الحمد وهذا من فضله عشت هذه اللحظات ففي العام الماضي تزوجت هذه الحفيدة هذه سنة الحياة.. وكل يوم جديد يشرق علينا نتذكر أيام الماضي وعندما كنا أطفالاً نحبو أمام الآباء والأجداد.
وأخيراً قال الدكتور صالح ويعمل أستاذاً بالجامعة: أن يكون الإنسان جداً.. حلم يتطلع إليه كل أب ويتمناه الجميع.
ولا شك أن شعور نبيل أن يحمل أحدنا بين أفراد أسرته مسمى «الجد» أو يسمع كلمة «جدي».. وينك يا جدي.. وهي تنشر الفرح والبهجة في أجواء البيت.
والحمد لله لقد أصبحت جداً قبل عامين وأنا أتمتع بسماع هذه الكلمة التي تفعل فعلها داخل نفسي وتعيدني إلى أيام طفولتي وأنا بين يدي جدى -رحمه الله-.. كان يمطرني بالقبلات ويعطرني بالحنان والاهتمام..؟! وماذا بعد (الجدودة) إذا جاز التعبير شعور جميل وهو حلم كل أب يتمناه كل إنسان في هذه الحياة.
وكل واحد منا ومن نعومة أظفاره وهذه الغريزة تنمو لديه كما تنمو غريزة الأمومة والأبوة لدى الأزواج.. وتستمر لدى مختلف الآباء والأجداد في كل مكان ما بقيت الحياه.