عروبة المنيف
أرثي لحال بعض الناس، فهم يعيشون في كوكب خارج نطاق الزمان والمكان، وخطابهم المنغلق ما يزال يحاكي عصور التخلف والجهل وتفوح منه رائحة التطرف والعصبية، إنهم قابعون في كهوفهم المظلمة، فلو أن بصيصًا من النور اخترق تلك الكهوف لأدركوا بأن العصر غير عصرهم، وتيقنوا بوجود مؤشرات لا تخفى على أحد تنذر من مغبة ذلك الخطاب عليهم وعلى مجتمعهم الرافض في أغلبيته لجميع مظاهر التطرف والعنصرية ولجميع رموزها.
يعتقد المنغلقون بأن مستمعيهم ما زالوا يعيشون ملتزمين بفكرهم الانغلاقي يتخذون من تميز واختلاف تكوين جسم المرأة ذريعة لحرمانها من أبسط حقوقها!، وتحضرني في هذا السياق فتوى أحدهم في أن مبايض المرأة هي سبب عدم أهليتها للقيادة لتأتي فتوى ربع العقل مكملة لكل خطابات هؤلاء الجائرة بحق نصف المجتمع. إن ناقصة العقل هي من كبرتك وعلمتك وأوصلتك لكرسيك في الخطابة، هي من أهلتك لتصبح بعقل كامل، فكيف بصاحبة ربع عقل قادرة على تربية وتأهيل إنسان كامل وبعقل كامل.
إن النظرة غير السوية من قبل البعض للمرأة والإعلان عن تلك النظرة للملأ تجعلنا محل سخرية للقاصي والداني، فالمرأة هي القدوة والرمز والمربية، فعفوًا يا صاحب العقل الكامل وابن أم ربع عقل!
لن أذيل مقالي هنا بمنجزات المرأة سواء العالمة أو الطبيبة أو الأكاديمية أو المعلمة من بنات بلدي، فالمقام والمقال هنا ليس لإثبات كمال عقلها وأهليتها فهذا أمر بديهي، بل يهمني التنبيه إلى أن هناك بعضًا من الناس يخرجون من كهوفهم المظلمة بين الفينة والأخرى يبثون فكرهم المتخلف مختالين بعقليتهم المتحجرة، ما يستدعي التنويه إلى خطورة تلاعبهم بعقليات وتوجهات بعض السذج من مريديهم. إن المؤشرات الإيجابية التي طالعناها في رفض ذلك الخطاب من قبل الرأي العام المعاصر، وفي التوجهات الحكومية التي تمثلت في الإجراءات التأديبية بحق الخطيب أو برد هيئة كبار العلماء في تغريدة على حسابها الرسمي بأن النساء شقائق للرجال، تؤكد توافق توجهات القيادة مع الرأي العام ما يبشر بعصر من الانفتاح والتنوير في نبذ خطاب الكراهية والتطرف والعنصرية.
إن تشديد الرقابة وتطبيق الإجراءات التأديبية على هؤلاء ضروري للحد من استغلال المنابر الدعوية لطرح آراء تنتقص من قيمة الإِنسان، وذلك بتأهيلهم وإرشادهم لفرض نشر خطاب المحبة والتسامح والتعددية والانفتاح على الجميع الذي لا يتحقق إلا يالمساواة والعدالة بين أبناء الوطن من رجاله ونسائه.