سمر المقرن
قبل ثلاثة أعوام، تلقيت دعوة للمشاركة باليوم العالمي للتوحد في استاد الملك فهد بالرياض، وفي طريقي إلى هناك وصلني اتصال بأن الحفل ألغي لأنه ممنوع دخول النساء وكل الأطفال قد وصلوا إلى هناك برفقة أمهاتهم، أكثر ما أحزنني وقتها هو كسر خواطر أطفال التوحد، فقد كانوا في أشد حماسهم لهذا الاحتفال وألغي لأن المرأة لا تدخل ملعب الكرة. هذا الحدث فيه كثير وكثير من الإيذاء النفسي للمرأة والطفل، ولا يوجد أي مبرر لأن تُمنع المرأة من الدخول لحضور احتفال إنساني إذا فرضنا أن المنع محدد بمباريات كرة القدم التي تُجرى هناك.
عادت ذاكرتي إلى مرحلة الطفولة عندما كنت أتمنى حضور مباريات كرة القدم، وكان ممنوعا عليّ دخولها لأنني فتاة، وكان يغيظني وقتها أولاد الأقارب بأنهم ذهبوا وحضروا المباراة، وشاهدوا على الطبيعة نجوم الكرة المفضلين عندي، كنت مجروحة جداً وأشعر بالدونية برغم أنني نشأت في أسرة ولله الحمد لا تتعامل مع الفتاة بدونية، وقتها اصطحبني أبي لحضور حفل في ملعب الملز لا أتذكر ما هو ذاك الحفل بالضبط لكن كل ما أتذكره أنه حفل وفيه العرضة النجدية وكنت وقتها خائفة من أن أمنع من الدخول، وقد أبلغني أبي أنه سيحاول أن أدخل وفي حال تم الرفض فإننا سنعود إلى البيت.. تخيلوا معي كمية التوتر الذي تعيشه طفلة في السابعة أو الثامنة من عمرها، تشعر بالخيبة فقط لأنها (بنت) وتشعر بأنها أقل من الأولاد، ليس لأي ذنب اقترفته يمنعها من دخول الملعب!
اليوم وأنا أرى النساء والأطفال في الملعب يحتفلون باليوم الوطني، أنظر إلى مشوار طويل لأن أكون أحد الشهود على هذا التغير الاجتماعي والفكري، وتعديل الثقافة الدونية ضد المرأة. لقد وصلنا إلى مرحلة نسابق فيها أمواج صور التخلف التي اجتاحتنا ونكسر النظرة الدونية للمرأة، لتعيش حياة طبيعية جداً لا تشعر خلالها بأنها الأقل لأنها أنثى.
إننا اليوم أمام إرادة سياسية جادة للتغيير، التغيير الجذري للأفضل وللحياة المشتركة بين الجنسين دون تفضيل لأحد على أحد. أقولها بصدق: (تغيّرنا) بعد أن تقلصت مساحة التخلف، (تغيّرنا) لأن هناك إرادة وعزيمة على التغيير.