رجاء العتيبي
اليوم الوطني الفائت الذي احتفلت به السعودية لم يكن كغيره من الاحتفالات، ليس لضخامته وسعة نطاقه فحسب، وإنما لأنه تم بدون منغصات من (المعارضين) الذين اعتادوا أن يظهروا في مثل هذه المناسبات ليقولوا (لا يجوز) الاحتفال باليوم الوطني أو الذي يسخر من المعاني الوطنية أو الذي يقول: المدينة x تغتصب ونحن نحتفل.
الاحتفال باليوم الوطني السبت الماضي كان لحظة تاريخية في مسيرتنا، باعتباره هذه المرة حدث بوجهة نظر واحدة وبرأي واحد وقرار واحد وفرحة واحدة سطرتها أجيال السعودية وشاركهم الفرحة دول الخليج وكثير من دول العالم العربي ولو بفعالية رمزية، في كل بقعة من بلادنا كانت الأمكنة تكتسي باللون الأخضر البراق، وكان الكل يشعر بدولته أقوى مما كان.
كان الجميع يتحدث عن السعودية الوطن، كان التوجه وطنياً بامتياز، فخراً وحباً وسلاماً، نحب مكاناً نحميه وننميه ونباركه لهذا يستحق أن نعيش فيه، أما غير ذلك فلا، الأممية التي يروِّجها مسعِّرو النيران، ليست بذات جدوى طالما أن لكل إنسان في هذا العالم وطنه الأم، وهو الأحق بإدارة شؤونه وليس جماعات (متشدِّدة) تأتيه من كل حدب صوب لتديره لهم بطريقتها سواء كانت جماعات طائفية أو جماعات سياسية أو جماعات انقلابية.
لا نريد أي أحد أن يملي علينا كيف نحتفل بالوطن، فالوطن أكبر من تبريرات نمطية تطفئ جذوة الوطن في نفوسنا، نريد أن نكون أوفياء لوطن كبرنا فيه، وطن عشنا فيه، وطن يحمينا ونحميه، وطن نفاخر به بين الأمم، وطن يكبر فيه أطفالنا أمام أعيننا بكل أمان، أبعد كل هذا تقول لا تفرحوا بوطنكم؟ نفرح بماذا إذن؟ بالحزبية أم بالطائفية أم بالعنصرية؟!
احتفال الذكرى 87 كان مميزاً، أما الذي لم يحتفل وبقي في مكانه فهو وشأنه، كان ذلك أهم ملمح في الاحتفال، الذي لم يحتفل لأي سبب يراه، بقي في مكانه، ولم يثرب على غيره، سواء بقي رغماً عنه أم بقي بإرادته، في النهاية ظهر الاحتفال بلا (منغصات)، أما من يخالف الأنظمة والقوانين والمظهر العام فإن رجال الأمن (بزيهم الرسمي المهيب) يقومون بدورهم في الحفاظ على مساء الاحتفال برونقه المعتاد، وفقاً لإجراءات رسمية معروفة، وليس لاجتهادات شخصية لا تعرف لها أول ولا آخر.
الوطن الآن تحكمه رؤية واحدة، رؤية واضحة نعرف إلى أين نتجه، ليس بها (تجاذبات) فكرية، ولا تناحر، لكم أن تتخيلوا كيف أن احتفال السبت الماضي بث الرعب في قلوب الأعداء لأنه وبكل بساطة وجدوه (جسداً واحداً) في وقت كان السبت الذي قبله فئة من الموتورين تسعى للفرقة لأهداف سياسية واهية، لهذا نقول: إن الاحتفال بقلب (رجل واحد) يجعلنا أكثر منعة، وما الذين (يعترضون) على ذلك إلا فئام من الناس تسعى لشق الصف ليخلو لها المكان.