عبده الأسمري
في ميزان علمه تتجلى الوسطية وفي موازنات مسيرته تتعالى النموذجية في العلم والتعلم. عالم شرعي ووجه من وجوه الإفتاء وعلم من أعلام العلوم الدينية.
إنه هو عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الدكتور سعد بن ناصر الشثري أحد أبرز العلماء وبين أميز الأعضاء الفاعلين في مجال الفتيا والقطاع الأكاديمي والتأليف والبحث والدعوة.
بوجه وقور ومحيا مستقر وملامح متدينة تملأها الاستقامة وتسكنها السماحة وتتقاطع فيها السكينة وتنبع منها الحسنى وعينان تنضخان تقى وتشعان تقوى وكاريزما هادئة تنبع من وجه مستدير مستنير تكسوه سحنة تقية ولحية سوداء أكملت الوقار.. وصوت مسجوع بكلمات التدين وعبارات الشريعة ومقتطفات العبر ومستندات النصح وتوجيهات الفتوى يطل الشثري وجهًا محبوبًا وشخصية مفضلة وأنموذجًا معتبرًا في ميزان وسطي واتزان فريد يبلور الفتوى ويجيب السائلين ويختصر المعاني ويوظف الأحاديث ويشرح الفرائض ويفصل الواجبات على منابر المساجد وعلى طاولات صياغة الإفتاء وفي قاعات الجامعات وأمام شاشات الفضائيات.
كان الشثري طفلاً يستمع بإنصات لنصح أبوي فاخر وينصت باستماع لدروس الدين في جامع حيه مشبعًا بروح محيط عائلي تحفه المعرفة وتتحفه المسؤولية.. عاش في كنف أسرة متدينة وفي حضن تربية شرعية أشبعته علمًا وأسبغته همة. فتربى ملازمًا للعلماء متلازمًا مع الحكماء شغوفًا بأمهات الكتب التي قرأها يانعًا وطبقها يافعًا في حياته وسلوكه ووظفها قولاً وفعلاً.
سيرة مفعمة بالنماء ممتعة بالسخاء في ميادين غرس فيها منهجية المنصب وأشعل فيها شموعًا من الذكر الحسن سار مستندًا على عمق ديني وأفق وطني استلهم المهام بجودة الإنتاج المعرفي متضامنًا مع إجادة وحرفية ومهنية لازمته كظله وظلته كشخصيته التي مضت وأمضت على تركة وإرثًا وتراثًا من المؤلفات والأبحاث والندوات ارتبطت باسمة فظلت مرجعية بحثية ومراجع علمية للسائرين نحو مقامات العلم الشرعي.
بعد إنهاء الشثري تعليمه العام التحق بكلية الشريعة بالرياض وحصل على البكالوريوس ثم الماجستير في رسالة بعنوان «التفريق بين الأصول والفروع»، ثم أكمل دراسته الدكتوراه بعنوان «القطع والظن عند الأصوليين». للشثري سيرة أكاديمية متخصصة ومتنوعة حيث درس مقررات أصول الفقه ومقاصد الشريعة والقواعد الفقهية في كليات الشريعة وأصول الدين والدعوة بجامعة الإمام محمد بن سعود ودرس مقررات مصادر الأحكام وفقه الأسرة والمعاملات المالية بجامعة الملك سعود وعمل في التدريس بجامعة المعرفة العالمية في مقررات مدخل العلوم الحديث وفقه العبادات وفقه الأسرة وفقه الجهاد والأطعمة وفقه النوازل وأشرف على عدة رسائل علمية ومناقشتها وإلقاء عديد من الدروس والمحاضرات العامة والدورات العلمية. وتحكيم البحوث للمؤتمرات والمجلات العلمية وبحوث الترقيات.
تتلمذ الشثري على يد كبار العلماء مثل الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ والشيخ صالح الأطرم والشيخ عبد الرحمن البراك وغيرهم ممن اكتسب منهم العلم ووظفه بموضوعية النفع وعظمة الفائدة.
وللشثري سيرة حافلة بالتنوع ثرية بالإبداع في القنوات الفضائية والإذاعات ووسائل الإعلام الأخرى وتولى الشثري الإشراف على مشروع جامعة المعرفة العالمي وشارك في عدة مؤتمرات وندوات محلية ودولية متخصصة.
ولأنه مسكون بالبحث والتعمق في الدين ومقاصده مستقرئًا لتفاصيل المعرفة الدينية والاستقصاء فقد نشر الشيخ الشثري عشرات البحوث في مجلات علمية في مجالات الفقه ومقاصد الشريعة والقواعد الأصولية والفقهية.
الشيخ الشثري واجهة علمية وفكرية منفردة حيث منح عضويات عشرات الجهات ما بين هيئات ولجان استشارية ومراكز وجمعيات ومجالس إدارة قضى الشثري سنين عديدة وأوقاتًا مديدة في التأليف في شتى أنواع العلوم الدينية وألف نحو 60 كتابًا في شؤون متنوعة ظلت شواهد علمية ومعالم معرفية.
في شهر ذي الحجة الماضي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتكليف الشيخ سعد الشثري خطيبًا بعرفة ليكمل الشثري منظومة الدعوة ومسيرة الإنجاز الشخصي لقامة سطرت ذكرها في قلوب الناس بالحكمة والموعظة الحسنة وعطرت عملها بالإنجاز العملي والاعتزاز الوطني في ودروب نور الدعوة إلى الله ومسالك البحث الشرعي ومحافل العمل الأكاديمي وطلب العلم ومسايرة المعالي وملاحقة العلا خلقًا وعلمًا وعملاً.
سجل سعد الشثري اسمه بقياس الأداء عنوانًا لتفاصيل العطاء وعزز جهوده لتكون تجارب إلهام ونظريات طموح ومعطيات نجاح في سجلات السيرة ومجالات المسيرة.