ياسر صالح البهيجان
إجراءات روتينية ومعقّدة تواجه المؤلفين السعوديين عند اتجاههم لوزارة الثقافة والإعلام من أجل إصدار فسح لكتبهم الجديدة، ما يجعل الكثير منهم يواجه أبوابًا موصدة وطرقًا مسدودة قد تدفعهم للتخلي عن طموح نشر كتبهم، وأحيانا يتخلون تمامًا عن فكرة التأليف مجددًا.
الكتاب الجديد يمرّ على العديد من اللجان بطرق تقليدية وضوابط بعضها لا تنسجم مع طبيعة المرحلة وتحول المملكة نحو الانفتاح الفكري على مختلف المدارس النقدية. وثمة شخصيات داخل اللجان مع الأسف تتعمد وأد المؤلفات المخالفة لأيديولوجيتها الفكرية، ولا تتعامل معها بمهنيّة وموضوعية، ما يعد مؤشرًا خطيرًا يفرض على الوزارة وضع آلية دقيقة تقلل من مسألة الاجتهادات الفردية في إجازة الكتب، إن أرادت أن تضطلع بدورها الحقيقي في نشر الأفكار التنويرية القادرة على تحفيز الكفاءات التأليفية الشابة في وطننا، خصوصًا أن التأليف يدل على حجم وعي المجتمعات ومدى ارتقاؤها في سلم التحضر.
مؤلفون سعوديون كثر أبدوا تذمرهم من التنظيمات في وزارة الإعلام، والاستماع إليهم من شأنه أن يعين الوزارة على اتخاذ خطوات تصحيحية لمعالجة الوضع الراهن. والحقيقة أن العقول التأليفية يشكلون ثروة وطنية إن جرى الاستفادة منها ودعمها والاحتفاء بمنجزاتها، فنحن أمام مرحلة تحول كبرى نحو بيئة فكرية أكثر تسامحًا وهذا ما أكدت عليه دومًا قيادتنا الحكيمة، ولدى مجتمعنا الكفاءات الكافية التي باستطاعتها المضي بالمجتمع قدمًا باتجاه التعددية الثقافية والاندماج الإيجابي بين مكوناته كافّة بما يعزز لديه قيم الوطنية والولاء للوطن.
والحق يقال، ثمة تحركات إيجابية ملموسة من الوزير الدكتور عواد العواد في العمل الإعلامي وجودته في مختلف وسائل الإعلام السعودية، وهي خطوات محمودة وتستحق الإشادة، لكن هذا التميز عليه أن يكتمل بتغيير نظام فسوحات الكتب الجديدة، وإن رأت الوزارة أن ذلك يشكل عبئا عليها، فنقترح أن تتجه لإنشاء هيئة مستقلة تُعنى بهذا الجانب الهام، وتتولى شخصيات متخصصة مهمة مراجعة محتويات الكتب، على أن تتحلى بالانفتاح وقبول الرأي الآخر، لا أن تضع العراقيل ضد أي مؤلَف يتضمن أفكارًا لا تؤمن بها.
يتطلع المؤلفون السعوديون إلى واقع جديد يدفعهم للإنتاج، ولن يكون ذلك إلا بتعاون من الوزارة، لكي لا تضطر العقول إلى الهجرة أو النضوب، وأجزم بأن الوضع الراهن غير مرضٍ للوزير الطموح الساعي للتطوير بما ينسجم مع توجهات القيادة، لذا ينتظر المبدعون قرارات تعيد إليهم الأمل، وتحفزهم للتأليف وإثراء المكتبات الوطنية والمجتمع بأفكار نيّرة تكشف حجم تقدمنا وتؤكد أننا شعب منتج ومؤثر وله بصماته في شتى الميادين.