د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
احتفلت بلادنا يوم أمس السبت الثالث والعشرين من سبتمبر الموافق للأول من الميزان بيومها الوطني السابع والثمانين، فكان ذلك اليوم منارا آخر في إضاءات بلادنا على كافة الأصعدة؛ وعلى كافة المستويات؛ تدفقت فيه جداول من مشاعر الشعب الحفيّ لترسم صورا باذخة عن وطننا النفيس «المملكة العربية السعودية».
هذه البلاد الأثيرة التي تحزم عزائم القوة، وتبُاري أحاديث الإتمام فتجتازها سباقة، وتبني منصات الثراء الداخلي الذي يتجاوز الشفرات والمفاتيح الخارجية وإن تباروا! وتتعانق فيها لحظات الفرح لتنثر واقعا فوارا يسلّمنا تلك الصور والعلامات والرموز الفارهة؛ وهذا العام نحتفي بيومنا الوطني السابع والثمانين وبلادنا تمتلئ بانتصارات القرار السياسي؛ وبامتيازات عالمية فريدة، وتزخر كذلك بامتلاءات المنجز التنموي الداخلي الذي تتوالى منصاته فتعبق نسائم الخير في بلادي لتبشر بحاضر وافر ومستقبل يتسامى؛ فمنصاتنا التنموية في البحر تمخر عبابه؛ وعلى اليابسة تشعل مدنا حديثة تنبض وفاء لهذه الأرض لتتدلى النيرات في ميادينها وتعلن الامتداد والاستمرار؛ وتُجلّي الحاضر في صور بهية..
وفي كل عام نكتبُ معاني اليوم الوطني لتكون حزما من الانتماء والولاء، ونكتبُ لتصبح المسئولية الوطنية مسئولية أخلاقية كبرى بمفهومها الأصيل، وما زلنا في كل عام نستنطق الحدث وننقش من أعماقنا كل صياغات التمجيد في المكانة والتمكين لبلادنا، حيث تاريخنا الوطني يضرب بجذور متينة في رِكاز المجد، ويرتبط بالمبادئ القويمة التي تفيض عدلا وفضلا، ومثالية متصلة ومتعلقة بالقيم النبيلة التي دائما ما تكون جديرة بالاحتفاء والفرح وإعلان الاستحقاق الأول والأخير لهذه الأرض لنحملها فوق الهامات، ونباهي بها الأمم، ونتباهى بعزائم الرجال الذين صنعوا ذلك الكيان يقودهم موحد البلاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله.
وفي يومنا الوطني المجيد نلتقي بعرائس أمجاده، ونُشعل فوق ثراها دروبنا نحو مستقبل متين بقوة نفوذ متنامية بإذن الله؛ فمعاني الوطن شحنات وطاقات قوية تتهادى فيها الكلمات فتعلو عن النسق المعتاد، فتشرئب أعناق اللغة مجلجلة بأن وطننا مضمار حياتنا، نتقابل في دروبه، ونتواشج في نواحيه، ونشتم رحيق ودّه، ونلتقي في حياضه الجميلة الممتلئة بالحواشي الصحراوية والسهول الخصبة والرياض الندية، وفي هذه الذكرى الغالية تشرق شموس توقد تلك المشاعر، تلك هي منابع التنمية الوافرة ومصباتها الغزيرة، حيث يتوالى في بلادنا حفزها فاستُصدرت القوانين واستُحدثت توجيهات وأوامر سامية تقود حياة المجتمع إلى الأمن النفسي والاستقرار البدني، كما استحدثت قنوات جديدة فكانت قفزات تنموية شاسعة لصناعة التحول نحو تطوير قادم في التعليم والصحة والإسكان والتجارة والصناعة والزراعة والنقل وغيرها، كَما حازت السياحة ومدنها الواعدة نصيبا مفروضا من مقومات المستقبل الجميل، وكان للشباب مفاصل أخرى انشق عنها ليلهم ليبلغوا في النهار أحلاه؛ فكان محيطهم باذخا بكل منتج داعم ومحفز، وكانت حبال الوطن تربطهم ليصعدوا للمعالي،،،
«فيشرقُ في المحافل ذكر دار...
لها في الكون تاريخ تسامى»
وأصبح ذلك الحراك يجوب بلادنا موئل المقدسات وحاضرة الحرمين الشريفين تلك المقدسات التي تسمّى حكامنا بخدمتها تشريفا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين ملكنا سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ،،،
نحبك إي ورب الكون صدقا
نباهي فيك ودا واحتراما
ولا في الناس مارُمت؟ المعالي
بلى جاءتك طائعة دواما
إذا عُدّتْ خصال الحكم يوما
فإن مُقامكم أعلى مقاما
وفي ذكرى يوم الوطن لابد أن تكون طقوس الفرح من محطات مشترَكة البوابات لنسير نحو التآزر والتراحم؛ وألا يكون هناك جدل حول مقاصد المواطنة وأهدافها؛ وأن تُضاء عيوننا تجاه البناء والمشاركة الفاعلة في التنمية كل وفق مسئولياته وحظه من المعرفة، وأن نتفق على أن إنجازاتنا مكتسبات وطنية، ففي كل ذكرى هناك منجزات تصطف فوق أرضنا لتعانق الأسماع والأبصار.
وختاما فالاحتفاء باليوم الوطني؛ والأمن الوطني ثنائية سامية وهما شهادتنا الممهورة باعتماد عزيز على نفوسنا من قيادتنا الرشيدة التي نشدوا بها وتمثّل اتحادنا وتآزرنا إلى الأبد.