د.عبدالعزيز الجار الله
كان تأسيس دولتنا في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله قد مر بظروف سياسية وجغرافية وبيئية، لكن حلم الملك كان حاضرا وعازما لتأسيس هذا الكيان معتمدا على الله العلي القدير، ثم ما يملك من طموح وحنكة، وثقته بمن حوله من قيادات ميدانية التي قادت الجيوش لتوحيد هذا الكيان المتباعد في أقاليمه.
بلادنا في التصنيف الجغرافي والبيئي والحضاري ضمن الجزيرة العربية الكبرى، التي تغطي منطقة الهلال الخصيب: العراق والشام (سورية ولبنان والأردن وفلسطين) التي جمعت حوض أنهار دجلة والفرات وبردى والساحل السوري على البحر الأبيض المتوسط، والمنطقة التي يطلق عليها شرق المتوسط وشرق البحر الأحمر وجنوب الرافدين وهي صحراء الجزيرة العربية، هذا من الناحية البيئية الطبيعية والجغرافية.
أما من السياسية فالدولة العثمانية في آخر عهدها قبل الحرب العالمية الأولى كانت التبعية لها، وأيضا إلى بريطانيا وفرنسا وهما يعملان على اقتسام الوطن العربي بمشاركة إيطاليا، ولا ترانا نحن في الجزيرة العربية -القوى الاستعمارية الأوربية - إلا ممرات بحرية وموانئ وشواطئ البحر الأحمر والخليج العربي، مجرد سواحل لمستعمرات ما وراء البحار، وحتى الخلافة العثمانية لا ترانا إلا الرمزية الدينية للمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة وسواحل البحرية.
الملك عبدالعزيز يرحمه الله عاش هذا الصرع السياسي والجغرافي مع دول هي العظمى في ذلك الزمن، واستطاع أن يوجد بفضل الله دولة مستقلة على أكبر مساحات الجزيرة العربية حدودها من الجنوب جبال اليمن ورمال عمان ومن الشمال أطراف الهلال الخصيب وبلاد الرافدين الجنوبية، ومن الشرق شريط الخليج العربي وبحر عمان ودول الخليج، أما من الغرب فمعظمه خالصا سعوديا سواحل البحر الأحمر، وأجزاء من الهلال الخصيب الغربي.
وهذا يفسر التآمر على بلادنا من دول حكوماتها فاشلة مثل إيران وقطر تحيك الدسائس منذ فترة طويلة، لأن السعودية استطاعت بفضل الله أن تؤسس دولة قوية في سياستها واقتصادها وشعبها المتماسك وتحافظ على منهجها الديني الوسطي وتبني لها سمعة دولية جعلتها في مصاف الدول الكبرى.