«الجزيرة» - محمد السنيد:
قدم سمو الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح تهانيه وتبريكاته للمملكة العربية السعودية حكومة وشعباً؛ بمناسبة اليوم الوطني السابع والثمانين، قائلاً: إن هذا اليوم مناسبة تاريخية، ليس للسعوديين فقط بل للخليجيين والعرب جميعاً. منوهاً بالتضحيات التي بذلها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود، رحمه الله، في تأسيس المملكة، وجمع كلمتها على الحق والنهج الشرعي القويم تحت راية التوحيد، بفضل الله ثم بفضل رجاله المخلصين، بعد أن كانت تئن تحت وطأة الظلم والفرقة، فأصبحت من بعده منارة مضيئة ووسام فخر للأمتين العربية والإسلامية؛ بما تمثله من نموذج متميز للاستقرار السياسي والنماء الاقتصادي والعلاقة الوثيقة التي تربط قيادة عادلة حكيمة بشعب وطني وفيٍّ، وبما لها من دور إقليمي وعالمي في إحلال السلام.
وأضاف سمو الشيخ ناصر المحمد: إن ذكرى اليوم الوطني عندما تمر تؤكد لنا مدى تلاحم أبناء المملكة الشقيقة واعتزازهم بماضيهم وفخرهم بحاضرهم وتطلعهم لمستقبلهم، فاليوم الوطني ليس يوماً عابراً أو مجرد ذكرى فقط، بل هو مناسبة تتجدد كل عام من أجل استشعار أهمية الوطن وإبراز محبته في النفوس، عرفاناً بفضله وتقديراً لمكانته التي جعلته محل التقدير العربي والإسلامي والعالمي.
وأشار سمو الشيخ ناصر المحمد إلى عمق العلاقات الثنائية التي تربط بين المملكة والكويت قيادة وشعباً قائلاً: إن العلاقات السعودية الكويتية تزخر بصفحات من البطولة والمواقف المشرفة، وهي بفضل الله ثم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأخيه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ماضية في طريقها بخطوات واثقة ونظرة ثاقبة نحو مستقبل زاهر يحقق الأمن والرخاء للبلدين والشعبين الشقيقين، مؤكدا أنها علاقات أخوية ضاربة في التاريخ، ممتدة عبر القرون، تقوم على روابط الدم والدين واللغة والتراث والمستقبل المشترك، لا تشوبها أي شائبة بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل حكمة وحنكة القيادة الرشيدة في البلدين.
وقال سموه: لقد رسخت قيادات البلدين الشقيقين على مر التاريخ تلك العلاقات المتميزة دائماً، فهي علاقة جسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وهذا ما تأكد دوماً في مختلف المحن والأزمات التي مرت بالمنطقة؛ حيث كانت القوات السعودية أول من هبَّ للدفاع عن دولة الكويت وتصدت لتهديد العراق عام 1961م، أثناء فترة حكم عبدالكريم قاسم. وكذلك إبان الاعتداء العراقي الآثم في أغسطس 1990م، ولا تنسى الكويت قيادةً وشعباً كلمة الملك فهد، رحمه الله، خلال الفترة العصيبة التي مرت بها عندما قال: «الكويت والسعودية بلد واحد.. نعيش سوياً أو نموت سوياً». وهو ما تجسد في مخاطبة أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، لضيوفه من قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أعمال الدورة الثانية عشرة للمجلس، والتي عقدت في الكويت بعد تحريرها، وبالتحديد
في ديسمبر 1991م، قائلاً: «إن هذا الاجتماع على أرض الكويت قد تحقق بفضل الله أولاً، ثم بفضل أخي الملك فهد وإخوانه وشعبه الشقيق الذي وقف معنا وقفة مبدئية، والتضحيات الكبرى التي تحملوها معرضين بلدهم لمخاطر كبرى في سبيل عودة الحق الكويتي»، فقد وقفت وقفة تاريخية لا تُنسى، حولت فيها أراضيها إلى منصة انطلاق وحشد لتحرير دولة الكويت، وفتح السعوديون قلوبهم قبل بيوتهم لاحتضان أشقائهم الكويتيين، فكانت مروءة وشهامة وفزعة أخوة لا نظير لها بين دول العالم، فرضتها وأملتها عليهم القيم الإسلامية والعربية التي يتحلون بها.
كما استذكر سمو الشيخ ناصر المحمد بصورة خاصة الموقف التاريخي النبيل للملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي كان أميراً لمنطقة الرياض في تلك الفترة، حين فتح أبوابها للشعب الكويتي وقت المحنة؛ ليؤكد بذلك وحدة وتلاحم الشعبين، وأن ما يمس دولة الكويت يمس المملكة، منوها سموه إلى أن هذه المواقف هي امتداد طبيعي لما يربط بين أبناء البلدين عبر التاريخ، فقد وقف أمير الكويت الراحل الشيخ مبارك الكبير إلى جانب الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، ضد محاولة بعض القبائل للنيل من سيادة المملكة، وتحقق النصر للملك عبد العزيز بمناصرة من أخيه مبارك الكبير.
وأضاف سموه: إن العلاقات السعودية الكويتية لم يصنعها الساسة كباقي العلاقات بين الدول، بل صنعتها الظروف والمعطيات الجغرافية والتاريخية، وقد تنبه لهذه الحقيقة القائدان العظيمان الملك عبدالعزيز مؤسس المملكة والشيخ مبارك الكبير مؤسس دولة الكويت الحديثة؛ فسعى كل منهما مستثمراً تميز وخصوصية العلاقات بين وطنيهما وشعبيهما إلى بلورة جديدة وحديثة وعصرية للعلاقة بين البلدين والمساهمة في تطويرها سياسياً واقتصادياً وثقافياً.
وذكر سمو الشيخ ناصر أنه مع مرور الأيام أثبتت المملكة العربية السعودية جدارتها في كل الملفات التي أدارتها على كل المستويات، مشيراً إلى أنه على المستوى السياسي، حملت المملكة دائماً السلام للعالم أجمع، فشاركته قضاياه ودعمت منظماته الإنسانية والخيرية والعلمية، كما أنها كانت دوماً العون والسند لشقيقاتها من الدول العربية، وعلى المستوى الاقتصادي فإن المملكة تعيش تجربة تنموية رائدة جعلتها إحدى الدول العشرين الأقوى اقتصاداً في العالم، مشدداً على اعتزاز أبناء الكويت وكافة أبناء الخليج بقوة المملكة في مختلف المجالات، مضيفاً أن الكويت والعرب يعتبرون السعودية الشقيقة الكبرى لدول الخليج العربية، وهي أرض الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي وقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم.
وفي ختام تصريحه أثنى سمو الشيخ ناصر المحمد على حكمة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع إخوانهما قادة دول المجلس في العمل الخليجي المشترك والعربي والإسلامي، وعلى جهودهم الطيبة التي يبذلونها لدعم استقرار وأمن دول المجلس ورعاية مصالح أبنائه، سائلاً الله العلي القدير أن يحفظهم جميعاً، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي عهده والشعب السعودي الشقيق لما فيه مصلحة وخير أبناء المملكة، وأن يديم على الشعبين الشقيقين الأمن والتقدم والرفاه.