محمد آل الشيخ
كوريا الشمالية بعد ان تملكت الرادع النووي لا يستطيع المجتمع الدولي أن يُجبر رئيسها «كم جونق اون» على الامتثال لضغوط مجلس الأمن، ولا لضغوط العقوبات الاقتصادية، مهما كانت قاسية، فقد تعودت هذه الدولة على العقوبات والحصار، ولم ترعوي، وسوف تمضي قُدما في تطوير قوتها النووية، وكذلك الصواريخ البالستية العابرة للقارات. وفي المقابل ستضطر الحكومة الأمريكية في نهاية المطاف إلى الحلول السياسية، لأن الحلول العسكرية يعني أن حربا نووية ستقوم وتختفي الكوريتان من الخارطة، وربما اليابان أيضا، ما يجعل الحل السياسي هو (فقط) الحل المتاح؛ الأمر الذي سيعتبره كثيرون يراقبون الأزمة، انتصارا لهذا الرئيس الكوري المتهور.
هذه التجربة يجب أن نأخذها في الاعتبار هنا، ونتعلم منها جيدا؛ فإيران مُرشحة بامتياز في السنوات القليلة المقبلة، لأن تلعب ذات الدور، وتختلق أزمة مماثلة، بل وربما أخطر بكثير من كوريا الشمالية في حال انها امتلكت السلاح النووي. وهي بلا شك تراقب كوريا الشمالية عن كثب، وسوف تسعى قطعا لتكرار التجربة ذاتها، وغني عن القول إن إيران دولة دينية كهنوتية، تؤمن إيمانا يقينيا بالأساطير الدينية الموروثة، وينص دستورها بوضوح على تصدير الثورة الخمينية، التي هي للملالي ذات أولوية مطلقة، لا يمكن أن يتنازلوا عنها، أو يساوموا عليها. ويُنفق الملالي الأموال ، ويجندون الميليشيات، ويشعلون الحروب، ويستقطبون الأتباع، ويسخّرون الظروف ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، لتحقيق هذه الغاية، التي يعتبرونها رسالة الجمهورية الاسلامية الأولى، غير مبالين أن الشعوب الايرانية، تئن من الفقر والجوع والتخلف والبطالة والخدمات المدنية المتدهورة في أغلب محافظات إيرن؛ ورغم كل ذلك فملالي إيران لا يكترثون بأمر مثل اكتراثهم بتصدير الثورة، وانفاق كل ثرواتهم لتحقيق هذه الغاية.
ولك أن تتصور هؤلاء المؤدلجين وهم بهذه العقلية، لو نجحوا في امتلاك القنبلة النووية، أيّ كارثة ستحل بالعالم وبنا على وجه التحديد؟ .. خاصة وأن الدولة الدينية المتأسلمة، سواء كانت شيعية أو سنية، تؤمن بجهاد (الغزو)، وتعتبره فريضة من فرائض الدين، لا بد من تفعيلها بمجرد أن تتوفر القدرة والقوة على تنفيذه.
إيران اليوم، ومن خلال إضعافها- ومحاصرتها بالعقوبات الاقتصادية (الحازمة) والمُحكمة، يكون بالإمكان تطويعها، وإرغامها على التخلي عن طموحاتها التوسعية، وفي الوقت ذاته تحفيزها على تنمية داخلها اقتصادياً، وصرف مداخيلها على الرقي بالشأن التنموي، وبالخدمات المدنية الشاملة، بدلاً من صرف ثرواتها على طموحاتها العدائية المستقاة من الموروث الديني الشيعي، فإن ارعوت، فهذا كل ما يطلبه المجتمع الدولي منها، وإن كابرت وأصرت على سياساتها العدوانية، فخنقها من خلال العقوبات المحكمة، كفيل قطعاً بإسقاطها، قبل أن تمتلك القوة النووية التي تخطط لامتلاكها، وسقوط نظام الملالي القادم من القرون الوسطى، سيخلفه حتما نظام مدني، ودولة حديثة، وينعم الإنسان الإيراني المغلوب على أمره بثرواته، وترتاح - أيضا - من هذا النظام الشرير دول الجوار الإيراني، التي تسعى إيران بكل ما تملكه من قوة ومن ثروات لضمه إلى نفوذها.
إلى اللقاء.