علي الصحن
كتبت في هذه الزاوية غير مرة عن ضرورة العمل المؤسسي في الأندية الرياضية، طالبت وغيري بالشفافية وتعزيز المبادئ المالية وتحديد المسئوليات والصلاحيات فيها، وعن ضرورة العمل المنظم الذي لا يتضرر من استقالة رئيس ولا حضور آخر، وعن أهمية وضع هياكل تنظيمية وأدلة إجراءات وسياسات العمل فيها، بما يتوافق مع الأنظمة واللوائح التشريعية المعمول بها، وفي مقدمتها اللائحة الأساسية للأندية، وتفعيل جميع ما ورد في المادة (18)/ الفصل الخامس / من اللائحة والتي حددت صلاحيات الجمعية العمومية للنادي، وأن يتم إعداد قوائم مالية في فترات دورية توضح الموقف المالي للنادي من أجل ضبط المصروفات وضمان السيطرة على الديون قبل تضخمها، ثم يغادر رئيس النادي تاركاً الحمل على الرئيس الخلف، وما من شك أن كرة الثلج ستكبر وتكبر حتى يصعب التدخل ويصبح أمر إيقافها محفوفاً بالمخاطر.
في 23 يونيو 2016 كتبت في هذه الزاوية (اتركوا الأندية تواجه مصيرها) وكان التعليق حول تدخل الهيئة العامة للرياضة في أمر نادي الاتحاد، وإعلانها عن شرط لمن يريد التقدم لرئاسة النادي لمدة سنة واحدة فقط وهو تقديم شيك مصدق بـ 30 مليون ريال، وتساءلت هل ما قامت به الهيئة تم حسب اللوائح والأنظمة ؟ أم أنه مجرد حل توفيقي خاص بنادي الاتحاد على أمل أن لا تحدث مشاكل مماثلة في أندية أخرى مستقبلاً، وإن حدثت تتدخل الهيئة بما تراه مناسباً وإن كان بعيداً عن ما تضمنته اللائحة ومنها المادة (16) والتي حددت مكونات الهيكل التنظيمي للنادي، ونصت في الفقرة الأولى على أن (الجمعية العمومية هي الهيئة التشريعية والسلطة العليا في النادي).
في الـ 27 من سبتمبر الحالي وجه معالي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ الأندية الممتازة بعقد جمعية عمومية استثنائية لكل ناد، ورفع التقارير المالية المعتمدة من قبل النادي خلال شهر، على أن تشتمل التقارير على الإيرادات والمصروفات وديون النادي.
أحيي رئيس الهيئة وأشد على يده في هذا التوجيه، وأتمنى أن يكون خطوة أولى لتطوير الأنظمة المالية في الأندية وتعزيز مبدأ الشفافية، وتقديم بيئة عمل مميزة تكون فيها جميع القرارات والأعمال منظورة ومفهومة ومتاحة للمتخصصين والباحثين، ونشر القوائم المالية في الوقت المناسب والانفتاح في هذه المسألة مع كل من لهم صلة بالنادي، وهذا أمر يعزز الثقة بالعمل، ويكون سبباً مباشرة لتطوير آلياته ورفع قيمة استثماراته وضبط مصروفاته.
أتمنى أن يشمل هذا الإجراء جميع الأندية السعودية في جميع الدرجات، وأن تلزم بتعيين مراجع داخلي (من النادي وضمن إدارته) ومراجع خارجي من أجل تقديم تقارير مالية واضحة في أوقات محددة، وإبداء رأي واضح حول القوائم المالية في الأندية، خاصة أن الفقرة (9) /18/ الفصل الخامس حددت صلاحية الجمعية العمومية في تعيين مراقب للحسابات (خارجي) بناء على اقتراح مجلس الإدارة.
كتبت في مقال سابق: «من ضمن البنود التي تحتاج إلى تفعيل ورقابة مستمرة لضمان تطبيقها كما وردت ودون استثناءات، ما تضمنه الفصل الثامن من اللائحة والمعني بمالية النادي، وما تضمنته المادة (40) الخاصة بصلاحيات أمين الصندوق وخاصة: (إعداد مشروع ميزانية النادي بالتعاون مع الأمين العام، إعداد تقرير ربع سنوي عن الوضع المالي للنادي وعرضه على المجلس)، ففي الواقع أن معظم الأندية لا تلتزم بذلك، وإن التزمت به ففي الغالب يكون ذلك مجرد حبر على ورق، دون تفعيل حقيقي، ولو حدث وفُعِّلَ كل ما في اللائحة وعولج أي قصور في وقته، لما وصلت بعض الأندية إلى ما وصلت إليه من مشاكل مالية أو إدارية، فهل تكون الهيئة شجاعة وتعلن أن تدخلها في الظرف الاتحادي سيكون استثناءً فقط، وأن مواجهة الأندية لمصيرها ونتاج عمل إدارتها وإشراف الجمعية العمومية عليه سيكون هو القاعدة، وأن التدخل سيكون في حدود ما تسمح به اللوائح والأنظمة فقط» ؟.
أخيراً... أتمنى من الهيئة العامة للرياضة أن تعيد دراسة اللوائح المنظمة للعمل في الأندية والاتحادات الرياضية، وأن تعيد صياغتها بما يوائم التطورات والمتغيرات الحالية الرامية لتطوير الأندية والرياضة، وما يتوافق مع طبيعة العمل الحالي فيها، وأن تواصل متابعة التقارير المالية للأندية بشكل دوري، من أجل التدخل في الوقت المناسب وحل المشاكل المالية فور استحقاقها أو حدوثها، والمستفيد في النهاية سيكون الأندية التي لن تتأثر برحيل إدارة وقدوم أخرى مستقبلاً.