محمد آل الشيخ
بيان سمو الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني قبل البارحة هو بداية جادة ومبشرة لإنقاذ قطر من تغوّل الحمدين، أو بلغة أدق الأحمقين. كما أنه في السياق نفسه تغيّر جوهري في أزمتنا مع قطر. فقد كنا طوال العشرين سنة الماضية نعاني من نظام الحمدين الأمرين، ونتساءل: أين أسرة آل ثاني الكريمة، وأين وجهاء قطر، بل أين عقلائهم؛ كيف يقبلون أن تكون دولتهم دولة تدعم الإرهاب، وملاذا آمنا للإرهابيين؛ ثم ما هي مصلحة قطر الدولة الصغيرة جغرافيا وقليلة السكان، والغنية بمواردها من الغاز والبترول، لأن تكون دولة شريرة ومصدر إيذاء للآخرين، ومقرا لمماحكة جيرانها والتحريض على هز أمنهم واستقرارهم، وحضنا دافئا لشذاذ الآفاق، ومشاريعهم التخريبية، فلا نجد إلا التناقضات في القول والعمل، والشعارات المتأسلمة الفارغة، والتبريرات الثورية الجوفاء، مع أننا نعلم يقينا أن إجابة تساؤلاتنا في مكان آخر، عند أولئك الذين استثمروا سذاجة ومركب نقص حمد بن خليفة، فجعلوا منه دون أن يعي مخلب قط لتحقيق أهداف تخريبية، لا علاقة لها بمصلحة قطر، بل لا علاقة لها بالخلق الإنساني السوي.
الآن وببيان سمو الشيخ عبدالله، ستأخذ أزمة قطر قطعا منحا جديدا، أجزم أن الحمدين ومعهما تميم، لم يكونوا يتوقعونه، خاصة وأن سمو الشيخ عبدالله سيقف معه ويساند توجهه الإصلاحي كل عقلاء قطر، وعلى رأسهم كبراء أسرة آل ثاني، الذين لا يمكن أن يقبلوا بتصرفات الحمدين الرعناء التي عزلتهم وعزلت قطر عن محيطهم وعمقهم الجغرافي والاجتماعي، إضافة إلى أن هذا النظام الحاكم المتعجرف كان قد اتخذ قرارًا أحمق بسحب جنسية شيخ مشايخ آل مرة طالب بن شريم، وكما هو معروف فالشعب القطري يُشكل المنتسبون منه لقبيلة آل مرة ما يقارب نصف السكان، وغني عن القول إن الولاء القبلي الموروث لدى قبائل الجزيرة العربية ما زال عنصرًا قويًا وفاعلاً يُحدد موقف الفرد، وتوجهاته الاجتماعية والسياسية؛ أضف إلى ذلك أن أفراد فخذ (الغفران) من قبيلة آل مرة هم مواطنون قطريون أصيلون، ولأسباب محض كيدية، سُحبت جنسياتهم، وصودرت أملاكهم دون وجه حق، وتم طردهم خارج قطر، لتستقبلهم المملكة، ريثما تُحل مشكلتهم. كل هؤلاء الذين ذكرتهم سابقا، سيكونون بلا شك داعمًا قويًا لمشروع التصحيح الذي تبناه سمو الشيخ عبدالله، وأشار إليه في بيانه آنف الذكر.
ولكي يكون هذا التحرك الواعد فاعلاً وقويًا على أرض الواقع، فلا بد، وعلى وجه السرعة، تشكيل حكومة منفى مؤقتة، ليكون لهذا التحرك كيانا سياسيًا -يتجه إليه القطريون، وكل من أراد أن يطلع على (الرأي الآخر) في قطر، ويكون مقر الشيخ عبدالله عنوانًا لكل من أراد أن يشارك في عملية الإصلاح من القطريين، وحبذا -أيضا- لو تملكت حكومة المنفى هذه قناة بث تلفزيونية، تحاول أن تصحح إعلاميًا السمعة الإرهابية السيئة، التي أصبحت تلاحق القطريين، أينما رحلوا وحلوا في كل أقطار الأرض، بعد أن لوثها حمد بن خليفة بتصرفاته غير المسؤولة، التي جعلته هو والهالك «معمر القذافي» وجهين لعملة واحدة.
أعرف أن طريق سمو الشيخ سيكون طويلا، ومكللا بالأشواك، بل وبالألغام، إلا أن هناك عوامل موضوعية كثيرة، خاصة تبني حكومة الحمدين للحركات الإرهابية، وجعلهما قطر ملاذا آمنا للإرهابين، من شأنها أن تجعل تلك الخطوة (التاريخية) التي أقدم عليها سمو الشيخ عبدالله هي فعلا في الاتجاه الصحيح، وستؤتي ثمارها التصحيحية حتما.
إلى اللقاء