فهد بن جليد
من غير اللائق أن يظهر المعلمون في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي شكائين بكائين، رافضين لأي خطوة تطويرية في مجال التعليم، وهم من يصنعون ويبنون الأجيال المُقبلة، ولهم منا كل تقدير واحترام، ولكن الصورة التي ظهر بها بعضهم لا تناسبهم أبداً، و على فكرة هذا لا يخص المعلم السعودي وحده، فمعظم المعلمين على امتداد خارطة العالم العربي لديهم مع كل موسم دراسي جديد حزمة من قوائم التذمر على كل خطوة يمكن أن تفرض من أجل تطوير التعليم أو الرقي به أو تغيير أسلوبه، أو إضافة خطوات جديدة له.
لن أتحدث عن حصة النشاط التي لا يكاد يخلو مجلس سعودي اليوم من الحديث عنها وعن آثارها السلبية التي امتدت إلى التهديد بزيادة (الزحام المروري)، وتكدس السيارات في الشوارع نتيجة مثل هذا القرار، عندما يقترب وقت انصراف المدارس مع وقت خروج الموظفين، أو حتى بعدم مشروعية إضافة ساعة لدوام المُعلم، ومثله ما تتحدث به بعض المعلمات من أن مدارس البنات غير مُهيأة للتربية البدنية.. إلخ، ولكن لنبدأ من الكويت الشقيقة التي تخوض هذه الأيام غمار معركة شرسة بسبب فرض نظام البصمة على المعلمين في المدارس، والذي اشتعل معه المشهد هناك عندما رفض المعلمون الأمر، مُعتبرين أن في الخطوة التطويرية لعملية الحضور والانصراف إهانة، وانتقاص من قدرهم، وهي لا تتناسب مع طبيعة ومهام وأدوار المُعلم التي يقوم بها ، وعلى هذا قس الكثير من الرفض الذي تواجهه أي خطوة تطويرية في مجال التعليم في بقية الدول العربية، عندما يعتقد المُعلم أن أي تغيير على النظام السائد المُتعارف عليه، هو انحراف عن المسار التعليمي، وله آثار سلبية لا تتوافق مع مكانة المُعلم وخصوصيته.
أنا شخصياً اقدر المُعلمين في كل مكان، وأعرف دورهم وحجم الأمانة والمسؤولية المُلقاة على عواتقهم، وأتمنى أن يمنحوا المكانة والميزات اللائقة والمُناسبة لهم ، وأن يجدوا كل تقدير واحترام من كل جهة تشرف على عملهم، ولكن عليهم في ذات الوقت أن يقبلوا بأي خطوة تطويرية، ويساهموا في إنجاحها، وأن لا يتهربوا منها بحثاً عن الراحة والفراغ، ليظهروا أمام المُجتمع وأمام الطلاب بصورة لا تتناسب مع مكانتهم الرفيعة، عنوانها التذمر والاعتراض والتشكي.
نظرتنا للمُعلم يجب أن تتغير، ونظرة المُعلم للمهنة والرسالة التربوية التي يحملها يجب أن تُدعم أكثر وأكثر، والمسؤولية هنا تقع على عاتق وزارة التعليم بفرض آليات جديدة وواضحة وحاسمة لتطوير المُعلمين، ووضع خطط للاستفادة من المعلم والمدرسة في وقت الإجازات، ولو عام بعد آخر، فذاك حجر الزاوية في التطوير.
وعلى دروب الخير نلتقي.