د. حسن بن فهد الهويمل
هذا التحرك المشبوه منه، ومِمَّن شايعه بهذه القوة، وبهذا التلاحق الذي لم نكن نعهده من قبل دليلٌ على النهوض بمهمة الدور الذي لعبه المجوس في [العراق]، و[الشام]، و[اليمن]، وأدى إلى هلكتها، وتشرد أهلها.
ومع ثقتي بأن [التصوف] غير مؤهل لممارسة أي دور له قيمة، إلا أن تحركه المريب، والمدعوم سيترك أثراً سيئاً في مسيرة الأمة العربية، والإسلامية.
كما أنه سيوغر صدور عوام المتصوفة، الذين ظلوا متصالحين مع غيرهم. لقد استغلت سذاجتهم، واستنزفت أموالهم قرابين على تربة القبور، وأعِمَّةِ المضلين، واستهلك جهدهم، ووقتهم للخرافة، والطبل، والمزمار.
ونهوض [الجفري] بهذا الوقت المخيف، وبمثل هذا المشروع مؤشر عَمَالَةٍ مكشوفة، لايمكن تصور فداحة أثرها السلبي على الأمة.
ومؤامرة التجمع في [الشيشان] الذي ولد خداجاً، ومات في مهده بدايةٌ فاشلةٌ للمؤامرة.
تاريخ [التصوف] لا يحفل بأي عمل إيجابي في سبيل الدعوة، أو الفتوح، أو الدفاع عن بيضة الإسلام، مثله مَثَلُ التشيع، قول باللسان، وتعطيل للأركان، وارتياب في الجنان.
[التاريخ الإسلامي] المشرق بجلائل الأعمال، حَبَّرهُ [أهل السنة، والجماعة]، ولم يكن للتشيع، ولا للتصوف دور فيه. بل كانت الخيانة، والتخذيل، وتوهين عزمات الأمة بالأدوار المريبة للروافض المجوس التي شارفت لعبتهم على النهاية.
و[الجفري] يتلقى الراية السوداء بطلاقة لسانه، وبراعة إقناعه، وقدرته على تملق الرأي العام. وهو دور مكشوف يدل على أن لعبة جديدة بدأت تتشكل على المسرح السياسي.
أن تصدعاً جديداً تلقى [الجفري] رايته بمواطاة، ووعود يسيل لها لعابه. وهي وعود سرابية إذا جاءها لم يجدها شيئاً، ووجد خيبة الأمل، وضياع الفرص.
والغرب الذي نثر كنانته، والتمس أغباها، وأكثرها هامشية في الأحداث المهمة. وجد غايته في [التصوف] ليلعب الدور الغبي الذي لعبه الروافض المجوس، وأدى إلى تفتيت دولتين عربيتين كبيرتين هما:-[العراق]، و[سوريا].
والدور القذر الذي بادره [الجفري] سَيُمْنَي بإخفاقات ذريعة. فمتصوفة العالم العربي مُخَدَّرون بالخرافة، والقبورية والدروشة، والطبل، والرقص، واعتزال الحياة، والزهد بها. والمهمات التي يُحَضِّر لها [الجفري] بمؤتمراته، ورحلاته، وإتصالاته فوق طاقة التصوف.
[الجفري] بهذا الحراك المريب ينفخ في [قِرْبَةٍ مَخْروقة]. لأن المتصوفة لم يُجَرِّبُوا الهيجاء، ولم يصطلوا بحر المواجهات، ولم ينهضوا بالمهمات الجسام التي نهض بها [أهل السنة، والجماعة] واشجعهم في الهزيمة كالغزال.
صحيح أنه يملك صورة خادعة، متمثلة باللحية، والعمامة، ولسانا بقرياً، وجَلَداً يفوق جَلَد المنافق، وأسلوبَ إغراءٍ غارق في التملق، والتنازلات التي تكاد تمسخ الذات، وتذيب القضية.
فخطابه يمارس فيه الخنوع، والتودد، والاستدراج، لتكثير السواد، وجذب البله، والمتسطحين، فكأنَّه يقول للكافة:- اعملوا ماشئتم، ولكن كثروا سوادنا، واخذلوا أعداءنا.
- فمن أعداؤه؟
أهم اليهود المحتلون، أم الغرب المتصهينون، أم المجوس الذين فتنوا المؤمنين، والمؤمنات.
لا. أعداؤهُ [أهل السنة، والجماعة]. الذين التزموا المحجة، وتمسكوا بالحجة، وصنعوا حضارة الإسلام، وسطروا الفتوحات، وانشأوا الحواضر الإسلامية.
[الجفري] قفز فوق الحبال، كما القرود، ودخل الحلبة بلسان كذوب، وهَدَفٍ خائب، ونِيَّةِ كاذبة.
فيما يسترخي المجوس، لأخذ أنفاسهم خارج الحلبة، استعداداً لجولة غبية.
[التصوف] بمختلف مستوياته، واتجاهاته منتشر في الوطن العربي، وذووه متعايشون مع غيرهم، إذ ليست لهم طموحات، ولا خصومات.
وكيف يكون لهم أمل، وحجتهم داحضة، أمام [العقل الصريح، والنص الصحيح]. فلا العقلانيون يذعنون للخرافة، والقبورية. ولا النصوصيون يجدون لهم حجة يعولون عليها. ولهذا أذعنوا، ورضوا بالهامشية.
أولياؤهم الكاذبون المُغَرِّرُون يَجِدون مرتعهم الخصيب في العواطف الجياشة، لايبرحون محيطها، لأنهم يستدرون، ولا يجادلون. والعصر عصر علم، وعقل، لامجال فيه للخرافة، ولا للدروشة.
وسدنتهم، وأولياؤهم ينعمون بما لاينعم به الملوك، يُتَمَسَّح بهم، وتُقَبَّلُ أقدامهم، ويتبرك بفضولاتهم، وتُجْبَى إليهم الأموال، ويأتمر الناس بإشارتهم. ومن الصعوبة بمكان أن يبرحوا جنانهم إلى ميادين القتال.
ويقيني أن [الجفري] سيظل [صَيَّاح مَقْبَرةٍ] كما تقول العامة.
غير أن اللاعب الغبي سيؤدي الدور الذي أسندَ إليه، بالشكل الذي يزيد التصدع، ويعمق العداوة، والبغضاء، ويثير الفتن بين أطياف متصالحة، متعايشة.
وسيان عنده الانتصار، أو الهزيمة. المهم أن يكون في بؤرة الضوء، وأن تلاحقه وسائل الإعلام المأجور، وأن تحفه العناية الغربية.
لقد عرفَ الغرب أن [التشيع المجوسي]، و[التصوف القبوري] لا يشكلان خطراً على حضارة الغرب، ومصالحه. لأنهما يفقدان المفاهيم الإسلامية الصحيحة التي تنافس حضارة الغرب، وتهدد مصالحه.
وحين يطفو على المشهد ثلاث فئات:- [السنة]، و[الشيعة]، و[التصوف]، وتتنازع فيما بينها على السيادة. تكون حضارة الغرب، ومصالحه في مأمن. ولا سيما أنه يمارس التحريش، والدعم، ويغري كل فئة على أختها.
وفي النهاية فـ[الجفري] يبدو كما الدمية على مسرحها، يقول ماقال الغرب. وسيدفع العَرَبُ أغلى الأثمان، كما دفعوها في مواجهتهم للمجوس.
فهل يعي المتصوفة اللعبة، وينفضون من حول [الجفري].
تلك هي المعادلة الأصعب.
وفي النهاية. لمَّا تزل أطياف أمتنا تتبادل الأدوار على [مسرح الدُّمى]. والقادم أسْوَأ، إلا أن يشاء الله:-
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}.