أ.د.عثمان بن صالح العامر
ليس فقط تهاوى وتلاشى هذا الحراك الفاشل أصلاً «منطلقاً ومضموناً»، بل شهد الوطن بأسره ردة فعل شعبية متميزة صار فيها الكل أخضر، عبّر الجميع عن حبهم العميق وولائهم المطلق ودفاعهم المستميت عن الوطن:
- عقيدته السلفية الوسطية الصحيحة الصالحة لكل زمان ومكان .
- وقيادته الحكمية العازمة الحازمة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز .
- وشعبه المتراص اللبنات خلف قيادته التي بادلها حباً بعشق وعطاء بولاء ووفاء.
- وترابه الطاهر حيث الحرمين الشريفين، ومرقد خير البشرية على الإطلاق. - وتراثه الخالد الذي سطّره رجال أشاوس أجلاء صدقوا ما عاهدوا الله عليه فأورثهم الرب جلّ وعلا الخير ورزقهم البركات.
شخصياً لم أستغرب هذا الموقف المشهود للشعب السعودي الفذ، فنحن شعب متحد الصف ، متراص اللبنات، عصيّ على الاختراق، قوي حين منازلة الأعداء، شوكة في حلق الخصوم ومثيري الفتن، أياً كانت هويتهم، ومهما تعددت مبرراتهم التي يسوّقون لها عبر وسائلهم المختلفة وبأساليبهم المتلونة، محاولين بها الإقناع واستمالة ضعاف النفوس محدودي الإدراك جاهلي فقه المآلات.
إنّ قراءة ماضي الجزيرة العربية، فضلاً عن إمعان النظر في حال كثير من البلاد العربية - الإسلامية القريبة منا والبعيدة تلك التي استجابت لمثل هذه الدعوات المضللة -، أقول إنّ القراءة المتمعّنة في صفحات التاريخ ماضيه وحاضره وعقد مقارنات ولو يسيرة ومحدودة بين هذا وذاك من جهة، وما نرفل به من نعم كثيرة نحن السعوديون، بل حتى غيرنا ممن يعيشون معنا في وطن العز والمجد من جهة أخرى، يجعل من أبسط قواعد العقلاء وأخلاقيات الشرفاء، رفض أي دعوى يراد منها جعل بلادنا كغيرها ممن قبلت تشرب مثل هذه الخزعبلات المغرضة والضلالات المضلة التي من خلفها الشر المستطير، حيث القتل والدمار والانتهاك والسجن والتهجير والطرد من الديار، وما خُفي أعظم، ولن يستميل ويستهوي هذا الحراك وما شابهه يوماً ما إلا من :
- كان مصاباً في عقله بجنون وسفه أو أنه غبي لا يدرك حجم الآثار المترتبة على مثل هذا الصنيع الأهوج.
- أو عميلاً خائناً لوطنه متنصلاً ممّا علق رقبته به من بيعة شرعية لقيادته وولاة أمره، اشتريت ذمته بحفنة من المال مزجاة .
- أو أنه رجل مؤدلج مصفد بفكر ضال ومتشرب لمنهج منحرف ويخفي انتماءه الباطل .
إنّ أعظم نعمة منّ الله بها على المسلم بعد نعمة اعتناقه لهذا الدين العظيم كونه من أهل هذه البلاد المباركة، في عنقه بيعة شرعية لولي أمر اختار أن يكون القرآن الكريم والسنّة النبوية الصحيحة الدستور الذي يتحاكم إليه الكل ويرجعون، وهذا لا وجود له في أي بلد من بلاد العالم كلها، وأتحدى في عالمنا المعاصر الذي لا يخفى واقع المسلمين فيه دولاً وشعوباً، أن يتحقق تطبيق للإسلام على المستوى الشخصي والمجتمعي كما هو في المملكة العربية السعودية، ليس هذا فحسب، بل أتحدى مؤدلجي الفكر ومنظري الثورات أن يقدموا لنا مشروعاً نهضوياً متكاملاً عربياً كان أو إسلامياً، يمكن تطبيقه بنجاح على أرض الواقع خلاف المشروع السعودي الوسطي المعتدل الذي قعد له وأصله وما زال يجدد فيه، ويدلل عليه علماء ربانيون اجتمعوا تحت قبة هيئة كبار العلماء التي فاض خيرها للآخرين تعليماً وإفتاءً، توضيحاً وبياناً للموقف الإسلامي الصحيح من الأفكار والأحداث، وكذا الجماعات والأشخاص.
السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا يريد هؤلاء المفسدون في الأرض من مثل هذه الدعوات الساذجة، وهم يرون في كل منعطف يمر بنا وتحدٍّ نواجهه كيف نحن مع قيادتنا وإزاء وحدتنا وصفنا المتراص؟ أما آن لهم أن يدركوا كم نحن شعب عصي على الخذلان والتولي حين المنازلة والقتال؟!! وإن وجد من بيننا من تشرّب شيئاً من هذه الدعاوى الباطلة، وقَبِل الانخراط في منظومة أصحاب التوجهات والأفكار المناهضة لوحدتنا الوطنية، سواء أكانت دولاً أو جماعات أو حتى أفراداً ذوي اتجاهات مفككة مدمرة فهو شاذ، ولا يمكن أن يعول عليه، والكل سيمقته متى تكشّفت له حقيقته وظهر حاله وعرف منهجه وبان عداؤه للوطن عقيدة وقيادة وعلماء، فهو ليس منا ولا نحن منه فكراً وسلوكاً.
إنّ ما يقال ويُكتب من كلمات وقصائد في الوطن هذه الأيام، ليس من باب الاستهلاك والفضفضة وذر الرماد بالعيون، كما يريد أن يروج أعداء الوطن وطابورهم الخامس، بل هي مشاعر فياضة وأحاسيس صادقة عمرت بها القلوب التي في الصدور، وترجمها أبناء هذا الوطن المعطاء أفعالاً وأعمالاً خيّرة، صارت وما زالت حكاية عز ورواية فخر في سجل المواطن الصادق بولائه لقيادته، المدافع بحق عن حياض بلاده أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية. ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.