فهد بن جليد
لا يمكنك الجزم بصحة ومصداقية الأطروحات التي يتم بثها ونشرها عبر تويتر، هذه الحالة مُزعجة جداً ولا تتوافق مع الاستخدام الرشيد لارتفاع سقف الحرية في طرح الآراء ومناقشتها عبر المنصة العالمية الأشهر، السلبية الطاغية في طرح الآراء يجب أن يقابلها وعي كاف من المُستخدم في الفلترة وفهم المرجعيات الصحيحة ومستوى المصداقية، قواعد اللعبة هنا مُعقدة وكأنَّ الناس لديهم قابلية واستعداد مُسبق لتصديق ما يتم تداوله عبر تويتر، بغض النظر عن مصدره، ومن يقف خلفه، فقط لأن التجارب السابقة لبعض الأخبار والإشاعات التي صدقت ووقعت فعلاً، تؤكد أن دخان نيران الواقع المُشتعلة ترى في تويتر أولاً.
علمياً ثبت أنك تضيع 40 % من وقتك الذي تقضيه في متابعة مُستجدات تويتر في (كلام فارغ) لا قيمة له، ومجرد ثرثرة لا أكثر، الأمر يتطلب خطوات جادة لفلترة ما نتعرض له من أخبار وآراء، في ظل أن المعلومات الجديدة أو ذات القيمة الخبرية لا تتجاوز الـ3 % فقط من كمية المعلومات والأخبار المُتداولة، ولعل هذا يتضح مع كثرة التكرار الرهيب الذي نتابعه للخبر الواحد، وكأن المُستخدمين في سباق مُثير لكثرة وسرعة النشر والرتويت.
المؤسسة الأمريكية (بير أناليتكس) وجدت أنَّ ناس تويتر ينخرطون في تبادل رسائل فارغة لا قيمه لها، وغير مُفيدة لهم حيث تنتقل من شخص إلى آخر، بل إنَّ ما يوازي 5 % من مضمون رسائل تويتر المنشورة والمُتبادلة هي مُجرد دعايات أو إعلانات لشركات أو أشخاص إضافة إلى انخفاض مستوى المصداقية نتيجة انتحال الكثير من المُستخدمين لحسابات وهمية لأشخاص أو جهات مزعومة، يقومون من خلالها ببث رسائل كاذبة وخاطئة وخادعة، فضلاً عما تقوم به المؤسسات المشبوهة والجماعات المُنظمة لبث الأكاذيب والإشاعات بهدف زعزعة أمن واستقرار المُجتمعات.
التعاطي مع تويتر لم يعد مسألة مُسلية بريئة خالية من المخاطر، مفاهيمك وقناعاتك في خطر بسبب الكم الهائل من تلك المعلومات المغلوطة والثرثرة الفارغة التي تتعرض لها بشكل منظم وكبير، وهو ما يعني تأثرك بهذا الأسلوب وانعكاسه على طريقة تفكيرك وممارستك للحياة، الأمر يتطلب تغييرًا في الأهداف والأولويات، الحذر ليس كافياً وحده، نحن بحاجة إلى تغيير إيجابي بالتأهيل لزيادة جرعات الوعي والفهم لدى المُستخدمين في سن مبكرة تحديداً، لكيفية التعامل والتعاطي مع المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام، ولو لزم الأمر إحداث مناهج أو إدخال دروس تعليمية في المدارس والجامعات.
وعلى دروب الخير نلتقي.