عمر إبراهيم الرشيد
وعاد الموسم بعد عودة من سافر داخل أو خارج البلاد إلى أرض الوطن، إلى مدنهم وبلداتهم، مع أملهم بعودة انتظام الساعة البيولوجية وروتين الحياة إلى طبيعته، حين ينتظم الطلبة في مدارسهم وجامعاتهم ومعاهدهم. هل يخفت هدير الحديث عن التعليم يوماً ما؟، لن يحدث ذلك ولا يجب أن يحدث والتعليم أساس بناء الدول والمجتمعات.
حين تسلم مهاتير محمد رئاسة الحكومة الماليزية فإن أول ما بدأ به للنهوض بالدولة تنموياً واقتصادياً قطاع التعليم، فبدأ بالمناهج مروراً بالمعلمين والمدارس والجامعات، فكان أن تقدمت ماليزيا خلال عقد من الزمن من صف الدول المتأخرة إلى صف دول نمور آسيا.
ولا يتوقف الحديث عن التعليم إذ إن دولاً صناعية متقدمة يجري انتقاد نظام التعليم فيها والمطالبة بتطويره مثال الولايات المتحدة وبريطانيا وهما المعروفتان بقوتهما الاقتصادية. لن أكرر ما يكتبه غيري ويقوله الناس في مجالسهم، إنما يكفي المدرك ومن يقرأ بين السطور أن أقول بأنه في الحي الذي أقطنه شمال العاصمة هناك مبنيان لمدرستين تتبعان الوزارة، وهذان المبنيان قائمان منذ أكثر من ست سنوات دون إكمال، أي أنهما من المشاريع المتعثرة. وعلى بعد أقل من نصف كيلومتر منهما قامت مبانٍ فخمة لمدرسة أهلية خلال أقل من سنة وبدأت الدراسة فيها مباشرة، وأترك للقارئ ووعيه أن يقرأ ما بين السطور.
وأكتب فقط ما أقف عليه بنفسي حتى لا يكون الحديث اعتباطياً أو تجنياً ولكي لا يظن البعض أنه انتقاد لمجرد الانتقاد أو ملء حيز المقال كيفما اتفق. وكما ننتقد لأجل الصالح العام دون تشخيص أو تجنٍ، نشد على أيدي المخلصين أياً كان موقعهم ونذكر بأننا ولله الحمد نشهد تحولاً منشوداً وهو في بداياته لأن النتائج لن تتضح في وقت وجيز، إنما من وضع قدميه على الدرب البين فلابد أن يصل بتوفيق الله تعالى، في كل حقل وليس فقط في مجال التعليم والذي يتأمل المجتمع بأن هذا الحراك والتجربة والخطأ لابد أن ينتج عنه نظام تعليمي يخدم المجتمع والوطن ويكون أساساً للنهضة والرقي بإذن الله.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر فما تشهده المملكة من تحديات أمنية وسياسية واقتصادية إنما هي مما يصقل الدول والمجتمعات ويقويها، فالمحن منح ومن الأزمات تولد الفرص لمن يستخرج منها الدروس والعبر وهذا طبع التاريخ وتلك سنة الله في خلقه. فما نشهده من محاولات للارجاف وزعزعة ثقة المواطن بوطنه وحكومته عبر مواقع التواصل وغيرها، قد انكشف زيفها وهدفها ولله الحمد والمنة، فيد تحمي ويد تبني. وللتذكير، فإنما الدول والحكومات الراسخة تعول على وعي مواطنيها لأنه سد منيع أمام أي محاولة إرجاف أو خلخلة، فمواقع التواصل إنما هي فضاء بلاحدود أو ضوابط ملموسة، ومايكتب وينشر ويبث عبرها يحتاج إلى وعي وخلفية ثقافية قادرة على الفرز والتقييم، للحفاظ على اللحمة الوطنية والجبهة الداخلية قوية راسخة، وتقوية بناء المجتمع ليكون مجتمعاً صحياً واعياً ومنتجاً بإذن الله تعالى، {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}.