ياسر صالح البهيجان
تتجه المملكة نحو تمكين أكبر لدور المرأة في المجتمع، ومشاركتها في التنمية الاقتصاديّة بوصفها جزءًا رئيسًا وقوة فاعلة بالإمكان الاستفادة من طاقاتها في سوق العمل وعبر دعم إنشائها للمشروعات المتوسطة والصغيرة، إلا أن ثمة معوقات تعرقل ذلك الاتجاه، من أبرزها افتقار السوق للتنظيم الملائم للوضع النسوي، ومنافسة النساء الوافدات على الرغم من عدم امتلاكهنّ تراخيص مزاولة المهن، إضافة إلى قلة الوعي الأسري بضرورة دعم فتياتهم في مجال قطاع الأعمال.
سوق العمل لا يزال غير خاضع للتنظيم الملائم لمشاركة المرأة السعوديّة بفاعليّة، معظم المحال لا توفّر أماكن مخصصة للنساء تنسجم مع طبيعة المجتمع ورغبات فتياته، وكذلك ساعات العمل قد تمتد إلى أوقات متأخرة تزيد الأوضاع سوءًا وتجعل الفتيات يرفضن الوجود خارج المنزل ليلاً، فضلاً عن ضعف المرتبات والعوائد المالية التي تجنيها المرأة على الرغم من عملها لساعات طويلة ومرهقة.
كما تشتكي العديد من النساء العاملات من مزاحمة الوافدات لهنّ في سوق العمل، على الرغم من عدم امتلاكهنّ لتراخيص تخول لهنّ ممارسة النشاط، ومعظمهن ينشطن في قطاع التزيين والتجميل والخياطة، أي أن المشروعات النسوية السعوديّة في تلك المجالات وغيرها تواجه تهديدًا بالفشل في ظل تنامي أعداد غير السعوديات اللاتي يعملن في الخفاء، ويذهبن إلى المنازل وهنّ يحملن رخصة العمل المنزلي وليس الخياطة أو التزيين، والأمر لا يقتصر على ذلك القطاع، فهنّ أيضًا يمارسن عمليات بيع العطور غير المرخّصة، وجميع ذلك يؤكّد أن السوق لا يخضع للرقابة الكافية، ويعد بيئة طاردة للفتيات السعوديّات الراغبات في الإنتاج والعمل.
فيما فتيات أخريات يواجهن قلة وعي من قِبل أسرهنّ، إذ إن كثيرًا من الأسر لا تزال متمسكة بثقافة العيب، وفكرة أن العمل للرجل وليس للمرأة، ما يكشف عن ضعف في التثقيف والتوعية المجتمعيّة، ويؤكد أهميّة تهيئة المجتمع فكريًا ومعرفيًا ونفسيًا للتحولات الاقتصادية الراهنة، من أجل أن تحقق مشروعات التنمية الوطنية أهدافها المرجوة، إذا ما علمنا بأن الأسرة هي اللبنة الأولى لنجاح تلك المشروعات، ولا سبيل لإغفال دورها إن أردنا المضي قدمًا نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
المرأة السعوديّة تمتلك المؤهل الجيّد والكفاءة العالية والرغبة في العمل، متى ما وجدت البيئة المحفّزة، والمرتبات المجزية، والدعم المؤسسي والأسري. النساء قوة عاملة وركيزة محورية لتحولنا نحو اقتصاد مزدهر ومجتمع منتج. تعطيلهنّ عن ممارسة دورهنّ المُنتظر سيمثّل حجر عثرة أمام تحقيق مجتمعنا لأهدافه التنمويّة.