إنّ من نعم الله علينا في هذا البلد، أنه قائم على شرع الله بتطبيق الكتاب والسنّة والعمل بهما كما هو منصوص في مواد نظام الحكم، وهذا يرجع إلى شعور ولاة الأمر وفقهم الله، على أنّ إقامة الشرع سبيل التمكين، وأن الإنسان خليفة الله في أرضه وعليه العمل بما يرضيه سبحانه بفعل أمره واجتناب نهيه.
إنّ نعمة الاجتماع على ولاة الأمر والعلماء والحفّاظ على الدين والمكتسبات وتوحيد الكلمة، والوقوف صفاً واحداً ضد أي عدو ومتربص، يشعرنا بالاطمئنان والراحة بحمد الله، والله تعالى يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (97) سورة النحل
إنّ في الاجتماع حماية وأمناً وسلامة، وفي القرآن الكريم دعوة لذلك: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} (103) سورة آل عمران، وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يد الله مع الجماعة»، وله من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله لا يجمع أُمتي»، أو قال: «أُمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة، ويد الله مع الجماعة» والحديث صحيح كما في صحيح الجامع، وهذا فيه إشارة لحفظ الله لهم وعنايته سبحانه بهم؛ فمن اجتمع على كلمة الحق فلن يخيب وهو في كنف الله العظيم.
إنّ الاجتماع وحده لا يعني قيمة ولا يثمر نتيجة إلا أن يكون على الحق؛ ولهذا فدعاة الكفر والفتنة أو الفرقة والخروج يجتمعون على الباطل فينقلب عليهم حسرة وخسارة {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} (36) سورة الأنفال.
الاجتماع تأمين للسبل وإقامة للشريعة وأمن في الأوطان ورغد في العيش؛ فالأمن لا يعدله شيء؛ فبزواله تزول المصالح وتحل الفوضى ويخيم الخوف؛ فلا تحقيق للأمن إلا بالاجتماع ولا ثمرة منه إلا أن يكون على كلمة الحق وتحكيم شرع الله في أرضه؛ فاللهم آمنّا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم على كل خير وهدى يا رب العالمين.
** **
- د. ماجد بن عبدالرحمن الطويل