ياسر صالح البهيجان
صنّف معهد الطب الأمريكي العطور في مرتبة توازي في تأثيرها على الإنسان دخان السجائر الذي يستنشقه غير المدخّن. وفي مقاطعة مارين بولاية كاليفورنيا يُحظر وضع العطور الصارخة في الأماكن العامة كالمطاعم والمقاهي، وأحيانًا تُعلن بعض الدوائر الحكوميّة عن منع موظفيها من استعمال العطور الفواحة حفاظًا على صحة المراجعين.
وتشير تقارير طبية وإحصاءات علمية إلى أن تزايد أعداد من يعانون من الربو والطفح الجلدي وقلة التركيز وخفقان القلب عائد إلى انتشار العطور ذات المركبات الكيميائية والتي تُستخدم بنسب غير دقيقة ولا تُراعي صحة الإنسان، فضلاً عن تحذير العلماء من رش المواد العطرية مباشرة على الجلد، مؤكدين بأن هذه السلوكيات قد تتسبب في تسرّب الكيماويات إلى أجسادنا وينتج عنها عطب في الكبد والكلى.
وما لا يعلمه كثير منّا أن الشركات المنتجة للعطور تستخدم أكثر من خمسة آلاف مركب كيمائي، ومنها ما يشتمل على مركبات مسرطنة، أو مثبطة للجهاز العصبي، أو مؤثرة على الجهاز التنفسي، ومع الأسف معظم الاختبارات التي تُجرى للعطور في الأسواق لا تخضع سوى لفصح حساسية الجلد دون أن تأخذ بالاعتبار الآثار الأخرى الأكثر خطرًا على جسم الإنسان.
وانتشرت في الآونة الأخيرة المصانع المحلية لإنتاج العطور، تخلط المركبات الكيميائية بطرق عشوائية وغير خاضعة لضوابط محددة، وبعضها تدمج بين مادتين عطريتين قد تتعارض مكوناتهما في حالة الاندماج وتنتج مركبًا غاية في الخطورة على الإنسان.
منتجات العطور المطروحة في الأسواق التجارية تستلزم رقابة أكبر وفحوصات أكثر دقّة للتأكد من سلامة مكوناتها وملاءمتها للاستخدام، كما أن على المؤسسات التعليمية والإعلامية مهمة توعية المجتمع وتثقيفه بخطرها، وضرورة التقليل من استعمالها قدر الإمكان، لأننا أمام مركب كيميائي متفاعل.
ثمة بدائل صحية تتمثل في استعمال الروائح العطرية المستخلصة من الزهور الطبيعية، وهي بديل لا بأس به عن العطور الكيميائيّة التي يفضّل الاستغناء عنها، إذا ما علمنا بأن سبب تصنيعها بادئ الأمر كان نتيجة رغبة الإنسان في إزالة الروائح الكريهة قبل اختراع أدوات النظافة الشخصية، لذا لم تعد العطورات لازمة في الوقت الراهن، لكن شركات التسويق الباحثة عن الربح فحسب، استطاعت أن توهم الإنسان الحديث بأن استعمال العطور ضرورة يوميّة وهو ليس كذلك.