رقية سليمان الهويريني
منذ بداية الثورات العربية وبعض شبابنا في حالة حيرة! سواء في رغبتهم الانضمام للفرق الجهادية على اختلاف أطيافها، أو تقديس الرموز والانسياق وراء توجهاتها وتوجيهاتهم؛ رغم تحذير المخلصين من الانفلات والانجراف خلف الشعارات الوهمية والتحزبات السياسة.
وتواجه الحكومة تحدياتٍ سياسية كبيرة في سبيل مكافحة الأفكار المغلفة بمفاهيم دينية وهمية سواء شرعنة الجهاد والدعوة له، أو الانضمام لتحزبات تخريبية أو تأييدها! ولا أخالكم تجهلون خطورة التحريض أو الدعوات المبطنة للجهاد خارجياً والتي بدأت بالتحايل بالسفر إلى مناطق الحرب، أو إثارة الشغب داخلياً؛ وهي في واقعها تحمل ضمنياً الدعوة للخروج على الحكومة أو التحريض الاجتماعي.
وقد نتفق على أن الحكومة قد اتسع صدرها كثيراً للمخالفين لسياستها ورؤيتها، تحت مبدأ ضمان حرية الرأي وقبول المخالف!.. لذا ارتأت أن تتخذ أسلوب التجاهل، وفي كل مرة تتعامل مع هؤلاء الأشخاص بحكمة وانتهاج سياسة النَّفَس الطويل على المستويات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية! وكثيراً ما أعجب من موقفها إزاء بعض الأشخاص الذين ينتقدون بفحش وبذاءة مما قد يخل بهيبتها ومكانتها محلياً وخارجياً! ولكن يبدو أن الصبر قد نفد، حيث لم تجد الحكومة الأبوية بُدّاً من الصرامة ووقف أشكال الفوضى الفكرية والعمد لتسييس الدين أو الانضمام لأحزاب سياسية أو فكرية ذات طابع ديني، فأصدرت -سابقاً- قانون تجريم الأعمال الفكرية وتمجيد بعض الأحزاب السياسية بالخارج؛ تلك التي تخل بالأمن وتزعزع اللحمة الوطنية، وتعبث بالبنية الاجتماعية فتحدث تصدعاً بها!
وفي كل إجراء تتخذه الحكومة تحاول فيه نزع الفتيل وتوقف الجدل العقيم والتصنيفات التي تحدث خرقاً في النسيج الاجتماعي لتعود عجلة التنمية إلى الدوران، فينشغل كل مواطن بحياته، ويزاول عمله براحة، ويمارس هوايته المشروعة بأمن وطمأنينة، بعيداً عن المهاترات والأفكار المسمومة والمحظورات الأمنية والفكرية.
ولعلنا بذلك ندلف لمرحلة جديدة من محاسنها نبذ الفرقة والتطرف، ونهج الوسطية والاعتدال والحكمة والموعظة الحسنة.