ياسر صالح البهيجان
مع تحول الإنسان الحديث إلى التصنيع والإنجاز التكنولوجي المعاصر وجد نفسه داخل دوامة من السلوكيّات غير الواعية والضارة بالبيئة دون أن يكترث لأمرها، رغم أنه من أكثر الكائنات الحيّة تضررًا من تدهور الحياة البيئية على الأرض، لذا تزايدت أعداد الأمراض المستعصية مع تقدم الزمن، بعد أن أصبح التلوّث البيئي يحيط بالكائن البشري من كل الاتجاهات، ولا تهدده فحسب، بل تهدد أيضًا الأجيال البشرية القادمة.
تساؤل جوهري: إلى متى سيظل الإنسان يعبث بمقدرات بيئته دون أن يستشعر خطر ما يفعل؟، ولعل من أبرزها وأكثرها تهديدًا لصحة البشر والبيئة على حد سواء هي معضلة النفايات الكيماوية السامة الناتجة عن المخلفات الصناعية والطبية والزراعية، التي مع الأسف لا يجري عادة التخلص منها بالطرق الصحيحة وبعيدًا عن التجمعات السكنيّة، ما يسهم في إيجاد خلل في التوازن البيئي، وتحمل جملة من المخاطر الصحية التي من شأنها أن تزيد من كلفة النفقات العلاجية، وقد تضع حدًا لحياة الأفراد إن لم يجر معالجتها والتصدي لتأثيراتها الضارة.
لابد من التشديد على أهميّة توفير مدافن للنفايات مجهزة في أماكن مخصصة لا تؤثر على سائر مكونات النظام البيئي، واستعمال بعض أنواع الكائنات الحية الدقيقة القادرة على تفكيك النفايات وتحليلها، إضافة إلى معالجتها فيزيائيًا وكيميائيا بواسطة التجفيف والتبخير، واستخدام أنظمة ترميد حديثة تمنع انبعاثات حرق النفايات من التسلل إلى الهواء وتلويثه، وجميع تلك الحلول في معالجة النفايات من الضروري أن تجري تحت رعاية صحية عالية وبإدارة مختصين يستطيعون التفريق بين نوعيات النفايات وخواصّها والمخاطر المترتبة على التخلص منها.
البيئة لم تعد قادرة على تحمل مزيد من العشوائيّة في التخلص من المخلفات الخطرة، وصحة الإنسان لا يمكن أن تظل مرهونة بالمعالجات الفوضويّة للنفايات، وعلينا أن نولي جانب السلامة البيئية أهميّة كبرى في المرحلة الراهنة؛ لأن البيئة إن كانت صحيّة فإنها توفّر جميع عوامل النجاح في سائر مناحي الحياة، أمّا إن ظلت في حالة تدهور فستقوّض كافة مساعي التطوير والتنمية، كما أن الحفاظ على بيئة آمنة يعكس مدى رقي المجتمع ووعيه، لذا لا مبرر أمام الجهات المسؤولة عن البيئة في اتخاذ خطوات متسارعة تنسجم مع التطورات التكنولوجية في آليات التخلص من النفايات الخطرة، من أجل وطن آمن وإنسان سليم صحيًا.