عثمان أبوبكر مالي
سالفة قديمة (لن أنساها) سمعتها من أحد الإخوة العاملين في (منظمة إسلامية) قال: إنه كان مع زملاء له في برنامج دعوة إلى الله نهاية عام 1994م، في بعض الدول وكانوا في بعض التجمعات والمناطق يجدون (صعوبة) في تقديم والتعريف بأنفسهم ومهمتهم؛ إِذ كان بعض الحاضرين يعتقدون أنهم من منطقة (مجهولة) تمامًا بالنسبة لهم، حتى واحدهم يصرح (أننا من بلاد النفط العربي).
وفي إحدى المناطق النائية وجد تعريفهم صعوبة كبيرة، ومن كم المعلومات التي تحدثوا بها، قال أحد الحاضرين: (عرفتكم أنتم البلد العربي الذي لعب فريقه في المونديال وهزم منتخب بلجيكا بهدف سينمائي) فضج المكان بالتصفيق(!!).
في ذلك التوقيت لم يجد أولئك الدعاة بعد ذلك في أي وقت (صعوبة) في التعريف بأنفسهم، إذا أصبحوا يستخدمون كلمات بسيطة ثم يتبعونها بقولهم: (نحن من أرض الإسلام، التي لعب منتخبها في مونديال أمريكا).
هذه الرواية الحقيقية على بساطتها التي ربما استسهلها البعض، هي تأكيد على مدى أهمية المشاركة والوصول إلى المونديال (نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم) ومدى الدور الكبير و(الإضافة) التي يسجلها ذلك الوصول للدول جميعها، أيًا كان حجمها، وأيًا كان عدد مرات مشاركتها.
حرص دول العالم على الحضور والظهور في المحفل الرياضي الكبير، الذي يعد الأول عالميًا في الاهتمام والمتابعة؛ لأن المونديال ليس لمجرد اللعب، ومتعة كرة القدم أو حتى الفوز والمنافسة على البطولة، ولا لأنها اللعبة الأكثر شهرة وشعبية، وإنما أصبحت اليوم (رسالة) إعلامية و(وسيلة) حضارية تقدم وتكشف عن واقع (التنمية الحديثة) التي تعيشها البلدان التي تهتم باللعبة وتطور نفسها وتنافس وتتفوق فيها، وهي تأتي في مقدمة برامج (التنمية المستدامة) التي تهتم بها الدول، فهي تدفع إلى زيادة مشروعات التنمية والبنية التحتية، وتطوير أجهزة التكنولوجيا الحديثة، واستخداماتها، سواء فيما يتعلق باللعب من قوانين وأنظمة، أو استحداث طرق (العدالة) فيها، وأيضًا استعمالات النقل الحي والبث المباشر للمباريات عبر وسائل الاتصال والتواصل والإعلام، ولذلك تعد من الأولويات في برامج الرؤية السعودية التي تعبّر عن طموحات المملكة وتعكس قدراتها، وتعد من مكامن القوة في (رؤية 2030).
أما تسجيل (حضور) لافت في النتائج والمستويات في المونديال فتلك (رواية أخرى) وضجة ستحدث على النحو الذي قلته في بداية المقال، عندما ضج مكان الدعاة بالتصفيق، للمشاركة المونديالية الأولى بعد أشهر من انتهائها.
كلام مشفر
- مبروووك للوطن وصول منتخبنا الوطني إلى نهائيات كأس العالم القادم، وانتزاعه بطاقة التأهل الثانية عن مجموعته في آسيا بقوة وجدارة في مبارته أمام اليابان التي كانت مباراة (وطنية) أقيمت وسط رغبة جماعية ودوافع (شعبية) أكدتها المساندة الجماهيرية الكثيفة التي ملأت جنبات ملعب الجوهرة، وبالتأكيد لو كانت مساحة الملعب الضعف ذلك اليوم لما وسع الحاضرين.
- زانت وازدهت المناسبة والمنافسة والفرحة بالتأهل بأن جاء الحدث في حضرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ومجئ سموه -حفظه الله- ليكون في مقدمة حضور المباراة ليس مفاجئًا ولا غريبًا، فهو القدوة ورجل الرؤية وبالتالي هو أيضًا رجل الرياضة الأول.
- تسعة أشهر (تقريبًا) تفصلنا عن نهائيات كأس العام المقبلة، التي ستقام في روسيا، في نهاية شهر رمضان وخلال شهر شوال من العام المقبل، في موسكو سيسجل الأخضر حضوره (الخامس) في المونديال، سبحان الله كان الحضور الأول في أمريكا، وبعد انقطاع طويل تأتي العودة من روسيا(!!).
- الحضور المقبل لا نريده كحضورنا في المونديالات الثلاثة (الأخيرة) وننتظره أفضل من المونديال الأول؛ بحيث يُسجل للأخضر ويَدفع إلى أن يُضج بالتصفيق على النحو الذي يحدثه ويستذكره العالم مع كل إشارة إلى مونديال أمريكا، أو تذكير بهدف الكابتن سعيد العويران (السينمائي) في مرمي الحارس لبلجيكي ميشيل بردوهوم.
- نجح اتحاد كرة القدم في (تحدي العبور) والوصول بالأخضر إلى نهائيات كأس العالم رغم (العواصف) التي واجهها (داخليًا وخارجيًا) تسلما منتخبًا متصدرًا، وعبر به إلى النهائيات منتشيًا، مما يزيد من ثقة الاتحاد وأعضائه بأنفسهم وثقة الجماهير والمجتمع بهم.
- ولا شك في أن تحديًا أكبر ينتظر الاتحاد وأعضاؤه وبرامجه في المرحلة المقبلة، وكيفية العبور بالمنتخب إلى مراحل الاستعداد والمشاركة في المحفل الرياضي العالمي الكبير، من أجل إظهار صورة أخرى مختلفة و(منهجية) جديدة للكرة والإنسان السعودي.