خالد بن حمد المالك
رئاسة أمن الدولة اسم جميل، خرج من عباءة المباحث العامة بقيادة الرمز الكبير معالي الأستاذ عبدالعزيز الهويريني رئيس رئاسة أمن الدولة ومدير عام المباحث العامة، الذي أظهر مع زملائه مقدرة فائقة بتوجيه من القيادة في تجفيف منابع الإرهاب، ومطاردة الإرهابيين، واجتثاث مصادر خطورتهم، وتتبع شبكات المتورطين بالإرهاب، بما في ذلك الداعمين لهم بالمال والإعلام والتغطية على ممارساتهم العدوانية، مما مكن المواطن والمقيم من أن يأمن على حياته، ولا يشعر بأن هناك جريمة تلاحقه، أو أن مؤامرة بانتظاره.
* *
صحيح، أن وراء هذه البطولات تضحيات كثيرة، شهداء ومصابين، وأعمالاً وحشية ضد هؤلاء المدافعين بشرف وعزة وكرامة عن وطنهم، وأن التخريب للمنشآت ودور العبادة والمؤسسات كانت كبيرة، لكن ماذا سيكون عليه الوضع في البلاد لو تُرك هؤلاء المجرمون دون تدخل من رجال أمننا البواسل، ومن دون توجيه ومتابعة ومعاضدة من القيادة السياسية، ألا يمكن أن يكون وضعنا كما هو الحال في سوريا والعراق وليبيا ودول أخرى مسها الإرهاب والعنف والتحريض، بما جعلها تفتقر إلى القدرة لضبط الأمن، والسيطرة على مفاتيح الاستقرار في البلاد.
* *
ليس من عادتنا أن نتحدث عن هذه القوى الأمنية التي هزمت الإرهابيين، وقصَّت أجنحتهم، وطاردتهم في مخابئهم، وأجبرتهم بين الاستسلام أو قتلهم انتصاراً للحق، ودفاعاً عن الوطن والمواطن والمقيم، لكني من فرط إعجابي بكفاءة وإخلاص هؤلاء، وتقديري ومحبتي لهم، وبمناسبة إطلاق تنظيم أمني جديد باسم رئاسة أمن الدولة تتولى مسؤولية المحافظة على أمن المملكة ومقدراتها إلى جانب المباحث العامة، وأجهزة الأمن الأخرى، ضمن الاختصاصات التي حددها نظامها، ومع بدء أول عمليتين بطوليتين ناجحتين قامت بهما رئاسة أمن الدولة ضد خلايا استخباراتية، وأخرى بإحباط مخطط إرهابي داعشي كان سيستهدف مقرين لوزارة الدفاع، رأيت التذكير بهؤلاء الذين يدافعون عن الوطن والمواطن والمقيم.
* *
ففي الأول، وبحسب تصريح لمصدر مسؤول في رئاسة أمن الدولة، فقد تمكنت الرئاسة من رصد أنشطة استخباراتية لمجموعة من الأشخاص لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة ومصالحها ومنهجها ومقدراتها وسلمها الاجتماعي، بهدف إثارة الفتنة، والمساس باللحمة الوطنية، وقد تم تحييد خطرهم، والقبض عليهم بشكل متوازٍ، وفي الثانية، ومن خلال متابعتها للتهديدات الإرهابية التي تستهدف أمن المملكة ومقدراتها، وتعقب القائمين عليها، تم اكتشاف وإحباط مخطط إرهابي لتنظيم داعش، وذلك في عملية نوعية، كانت تستهدف مقرين لوزارة الدفاع بعملية انتحارية بواسطة أحزمة ناسفة، وقد تم القبض على الانتحاريين المكلفين بتنفيذها قبل بلوغهما المقر المستهدف، والسيطرة عليهما من قبل رجال الأمن، وهما من الجنسية اليمنية، كما تم إلقاء القبض على اثنين من السعوديين يشتبه بعلاقتهما بالانتحاريين.
* *
هاتان العمليتان النوعيتان اللتان تضافان إلى كثير من العمليات الإرهابية المعقدة التي تم تفكيكها من قبل رجال المباحث العامة، تستحق أن يكتب عنها، وأن يؤرخ لها، وأن تكون منارة إشعاع لبطولات وكفاءات لا يُحسن حمل شعلتها رجل أمن إن لم يكن بإخلاص وكفاءة وشجاعة هؤلاء الرجال، فشكراً لأبطال هاتين العمليتين ولمن سبقهم، الأحياء والشهداء منهم، وشكراً للعقل المفكر، والروح القتالية العالية، في شخص رئيس أمن الدولة ومدير عام المباحث الأستاذ الهويريني نيابة عن كل زملائه الأبطال، وكلنا ثقة بأنه لن يستطيع - بعون الله - أحدٌ أن يكسر شوكة هذا الوطن، ويخترق حصونه المحصنة بالرجال الأفذاذ، ويحقق أهدافه العدوانية، وبيننا مثل هؤلاء.
* *
العمل الأمني الاحترافي الذي يتميز به جهاز أمن الدولة والمباحث العامة تتحدث عنه الأعمال الكبيرة، والإنجازات غير العادية، فقد تمكنت شبكات الإرهابيين من التغلغل في مجتمعنا الطيب، مستخدمة المناهج في المدارس، والنشاطات خارج فصول الدراسة، وموظِّفة المنابر والخطاب الديني ووسائل الإعلام في مشروع مدمر، وذي أهداف عدوانية، وتحقيق أحلام وأهداف أقل ما يقال عنها إنها ضد مصالح الوطن والمواطن، وتضامن في هذه المؤامرة نفرٌ من السعوديين والعرب الذين آويناهم في ديارنا، فتنكَّروا للضيافة، بأن شكلوا خلايا استخباراتية للدول الأجنبية، وشبكات إرهابية، ومؤامرات تمس النظام والأمن والاستقرار في البلاد، ولكن إلى أين سيفرون وجهاز أمن الدولة والمباحث العامة ورجال الأمن لهم بالمرصاد.
* *
فحضور رجال الأمن، وحرَّاس المجد، ومن اختاروا طريق الدفاع عن مكتسبات الوطن، كانوا دائماً في وضع من لا تغمض لهم جفون، ولا يهدأ لهم نوم، ودون استمتاع بالراحة، أو استرخاء على طريقة ما يقال إنها استراحة محارب، إذ مع هذه المؤامرات التي تكالبت علينا، والإرهاب الذي امتد إلى بلادنا، يشارك فيها مواطنون من جنسنا، وعربٌ من لحمنا ودمنا، مدعومين من أشقاء عرب لنا، ومسلمين مثلنا، أبى جنودنا البواسل أن يتركوا لهم فرصة يسيئون بها إلينا، فلبّوا النداء في تسابق وسباق فيما بينهم، ينقضون على فريستهم كلما تأكد لهم أن مجرماً ينوي الشر، ويحث الخطى للأضرار بنا، فيحيّدونه أو يلقون القبض عليه، وإن لم يستسلم فمآله أن يكون جثة هامدة في الموقع الذي كان سيستخدمه ليقتلنا.
* *
في العمليتين النوعيتين لرجال أمن الدولة، ومن خلال قراءة للتصريحين عنهما، والمعلومات التي أعلنت عنهما، يتأكد لنا كل هذا الذي قلناه، فهم مجرمون انتحاريون اتخذوا من استراحة في حي الرمال بالرياض وكراً للتدريب فيها على ارتداء الأحزمة الناسفة، وعلى كيفية استخدامها، وتم ضبط حزامين ناسفين يزن كل واحد منهما سبعة كيلوجرامات، بالإضافة إلى تسع قنابل يدوية محلية الصنع، وأسلحة نارية وبيضاء، أي أننا أمام جرائم تحمل بصمة داعش، وتمويل من مصادر أجنبية، سوف تكشف تفاصيلها التحقيقات التي تتم الآن على أيدي رجال أمن الدولة والمباحث، ومن ثم يتم الإفصاح عنها، لكي يأخذ هؤلاء الخونة جزاء ما كانت ستقترفه أيديهم بحق الأبرياء.
* *
هذه النجاحات الأمنية المشهودة، والانتصارات المتتالية لا تعني أن الإرهاب قد انتهى، ولا تشير من بعيد أو قريب إلى توقُّف من يموِّل ويدعم الإرهاب ضمن سياساته، فالحرب معهم مستمرة، وسوف تتواصل، لكن المؤكد أنه لن يكون لهم حظ في كسب أي معركة، أو الخروج منها بأقل من إلقاء القبض أو القتل، ومن لازال خارج قبضة العدالة، فلا يعني ذلك أن رجل الأمن لن يصل إليه، أو أنه سيفلت من الحكم العادل، أو أنه سيظل طليقاً إلى الأبد، بينما اسمه ضمن قوائم الإرهابيين أو الممولين والداعمين للإرهاب.
* *
هذه مشاعر انطلقت من الشعور بأن هذا الوطن في حماية الله، وإذا جاء من يتجاسر عليه، بالإرهاب والعنف والعدوان، فإنه سيكون وقوداً لنار هو مَن أشعلها، وحطباً لحريق كانت شراراتها الأولى من صنع يديه، والعاقل من اتعظ، واستفاد من النتائج، ونأى بنفسه عن كل ما يسوِّد اسمه، ولكن هل هؤلاء ممن استفادوا من تجارب من سبقوهم من الإرهابيين إلى مصيرهم في نار الجحيم؟.