فهد بن جليد
بعض مقدمي البرامج الدينية يعتمد في كل حلقة على طرح سؤال للضيف بصيغة ( سائل يسأل) ما حكم كذا وكذا، أو ما رأي فضيلتكم في كذا وكذا، والواقع أنَّه لا يوجد من سأل، ولكن صاحبنا يفترض (بفراسته وحصافته) أنَّه يجب أن يطرح هذا السؤال على الضيف لتبيان حال سؤال سابق، أو لكي لا تلتبس على المُتلقي إجابة سابقة، أو من باب الإثارة والنُصح للمُجتمع، وأن يكون (محضر خير) في الحلقة بين (الشيخ والجمهور والقناة أو الإذاعة).
هذا الأمر ينطبق على ما يحدث تماماً من بعض مشاهير السوشيال ميديا، عندما يتذاكى أحدهم علينا بقوله (بالنسبة حق اللي يسألوني..) ويبدأ في التبرير أو الإجابة أو الاستعراض، والحقيقة أنَّه لا يوجد من سأل أو اهتم أصلاً، ولكن أخينا هذا نسي نفسه، ونصَّبها مكان المُتابعين وأصبح يسأل ويُجيب على قاعدة - ما كان وما يكون وما سيكون - وهي ذات القاعدة التي اعتمد عليها المُذيع أعلاه، عندما تقمص شخصية الشيخ والجمهور في ذات الوقت.
الوصاية على الجماهير أو المُتلقين، وتوجيه الرأي العام وكأننا نمتلك بشكل شخصي وحصري (العين الصائبة) لرؤية الأشياء، فقط لأننا نمتلك شهرة أو (منبراً مؤثراً) من أجل الحفاظ على لمعان صورة النجم، وإظهاره بالعارف ببواطن الأمور، لم يعد أمراً مقبولاً، وباتت المسألة مفضوحة ومكشوفة أكثر من أي وقت مضى، لذا نجد أن الصدق في التعاطي مع ردة الفعل الحقيقية أو (التغذية الراجعة) من المتابعين كما هي، أفضل الأساليب لتحقيق المزيد من القبول والشهرة، بجعل المُجتمع يتعاطى ويتفاعل مع ما نُقدم بكل حرية وحقيقة وعلى طبيعته، دون أن نقوم بدور الوصي أو القيِّم على الناس وأفكارهم وأرائهم وقبولهم ورفضهم لما نقدم ونطرح، وكأن أراء وأفكار المُجتمع مُجرد أرقام يمتلكها المشاهير في خانة المُتابعين.
لا أصدق مشاهير السوشيال ميديا كثيراً عندما يبدأون كلامهم، وكأنَّهم يجيبون على تساؤلات الجماهير ويعلقون على ملاحظاتهم، وأعلم حينها أنَّهم يتحدثون من رؤوسهم، من باب الوصاية وجنون الشهرة، المُرتبط بالشعور بالقدرة على التوجيه والتمييز بين الصواب والخطأ، والجيد والرديء، وهو ما يُذكرني بالطريقة التقليدية لمُذيعي (سائل يسأل).
وعلى دروب الخير نلتقي.