هاني سالم مسهور
أهدرت قطر فرصة تاريخية كان يمكن من خلالها تخفيف حدة الأزمة مع الرباعية العربية وفتح نافذة للنظام القطري لمعالجة أخطاء توالت على مدار عقدين من الزمن، فلقد مثل اتصال الشيخ تميم حاكم قطر بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ما يُمكن وصفه بالفرصة المواتية لحلحلة هذه الأزمة، لكن عاد التعاطي القطري بعد وقت قصير وعبر وكالة الأنباء الرسمية في الدوحة لممارسة التخبط المعتاد من قطر.
السلوك السياسي المضطرب في قطر يعتبر حالة مستدامة لم تستطع قطر على رغم عمق أزمتها مع دول الرباعية العربية (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) من أن تكسر هذا السلوك أو تحاول معالجته، ما حدث بعد اتصال حاكم قطر مع ولي عهد السعودية يؤكد ذلك تماماً، فعلى رغم وضوح السعوديين بالذات بأنهم يمتلكون الحل لإنهاء الأزمة القطرية منذ أول يوم من قطع العلاقات إلا أن القطريين ما زالوا يعتمدون أسلوب المراوغة حتى بعد أن حاولوا تدويل الأزمة لم يجدوا من كل عواصم العالم غير جواب واحد هو الذهاب إلى السعوديين فالحل في الرياض.
تتعلق الأزمة القطرية بشبكة متداخلة من الأجندات بين الإيرانية والإخوانية تم تجنيد كثير من النطاقات لعملها، وذكرنا منذ بداية الأزمة أن القطريين سيعانون كثيراً من أجل تفكيك هذه الشبكة المُعقدة التي عملت من أجل نشر الفوضى في العالم العربي، عجز حاكم قطر عن تجاوز هذه الشبكة التي يقودها الحاكم السابق حمد بن خليفة قد تكون حادثة الاتصال الهاتفي مع ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان تؤكدها بشكل واضح فعلى الرغم من الخطوة التي خطاها الشيخ تميم غير أن هناك منّ تعمد إفشالها بعد دقائق فقط.
لم تستطع قطر الثبات على موقفها لدقائق معدودة، ولم تستطع كسر الجمود الذي أضرَّ باقتصادها، وأدخلها في مأزق أمام شعبها الذي لا يمكن له أن يكون في فلك غير الفلك العربي والخليجي، فاستيراد علاقة مع إيران أو تركيا لا ينسجم وطبيعة شعب قطري له عراقته في شبه الجزيرة العربية، هذا التضاد الذي يُبقي حاكم قطر الشيخ تميم في واحدة من زوايا نتيجة عدم قدرته على تجاوز والده (حمد بن خليفة) الذي من الواضح أنه هو الآمر الناهي في قطر.
قطر تعادي نفسها بنفسها، فمحاولاتها إفشال الوساطة الكويتية لم تتوقف منذ بداية تسريب المطالب الثلاثة عشر لدول الرباعية العربية، كان من الواضح أن قطر تريد إحراج الشيخ صباح أمام قيادات الرباعية العربية التي بدورها كانت بمقدار الموقف ومتطلباته وتدرك قيمة الكويت وأميرها ففوتت على قطر محاولتها إفشال الوساطة، وعادت قطر مُجدداً بعد إنكارها ما جاء في تصريح الشيخ صباح أثناء زيارته للولايات المتحدة من قبولها بمطالب الرباعية العربية عندما خرج وزير خارجية قطر يرفض المطالب معتبراً إياها أمراً من الماضي.
التخبطات القطرية تحتاج إلى معالجة، وتنفيذ المطالب الثلاثة عشر كفيلة بتلك المعالجة للسلوك القطري السياسي الذي يمكن وصفه بـ (الشاذ) فدولة قطر عليها أن تعي حجمها تماماً وتدرك دورها المطلوب منها، وعليها أن تدرك بأن أموالها يمكن أن تحقق لها كثيراً من الحضور البراق حول العالم من خلال دعم وتمويل ما يخدم البشرية بدلاً من تمويلها للجماعات الإرهابية المتطرفة للإضرار بجيرانها وتهديد أمنهم، فتنفيذ مطالب الرباعية العربية هو علاج لاضطراب سلوك حاكم ونظام متخبط.