عروبة المنيف
نقلت وسائل الإعلام في موسم حج هذا العام نماذج مشرفة لأيادٍ بيضاء رفرفت في أطهر بقاع الأرض وفاح عبيرها في جميع أنحاء العالم، فعدسات الكاميرا الإعلامية نقلت للعالم تلك النماذج الرائعة من محيط الحرمين الشريفين وباحترافية عالية معلنة جمال أرواح جنود الرحمة التي جسدت الرحمة بأرقى معانيها واللطف بأبهى صوره والمحبة بأسمى أشكالها. تلك الأيادي البيضاء احتضنت الحجاج من كل الفئات والأجناس والأعراق، ومبادراتهم الإنسانية الرائعة في هذا الموسم هي غير جديدة عليهم بل معهودة منهم في موسم حج كل عام، ولكن، اليوم وفي هذا الموسم بالذات، نقلت الآلة الإعلامية للعالم وباحترافية عالية ما تقدمه المملكة وجنودها المجندة من أبناء هذا الوطن من خدمات جليلة للإسلام والمسلمين مقرونة بسماحة نفس ومحبة ورحمة أثنى عليها البعيد قبل القريب.
صورة مشرفة أخرى نُقلت للعالم أجمع بعدسة كاميرا إعلامية احترافية أيضاً وبإعلام حاضر وفي أيام الحج المباركة، ولكن بعيداً عن أراضي الحرمين الشريفين، صورة لأيادٍ سعودية بيضاء أخرى موثقة مجهودات جنود سعوديين عابرين للمحيطات، إنهم المبتعثون السعوديون في مدينة هيوستن بولاية تكساس. لقد سطّر المبتعثون أجمل لوحات الرحمة والإنسانية من خلال إغاثتهم لآلاف المتضررين من إعصار هارفي الذي ضرب مدينة هيوستن في يوم الوقفة والعيد. إن انتساب ما يزيد عن المائة وخمسين من المبتعثين المتطوعين في منظمة «hand by hand»، التطوعية والتي تعرض رؤية المملكة 2030 ساهم في إغاثة آلاف المتضررين من الإعصار، ففتحت أبواب المساجد في يوم الوقفة والعيد للمنكوبين ووزعت الوجبات والمعدات اللازمة لإغاثة المتضررين من الفيضانات. نساء أمريكيات ناجيات من الإعصار تحدثن للإعلام عن هؤلاء الطلبة والطالبات المتطوعين، لقد قالت إحداهن «أنتم ملائكة من السماء»، وقالت أخرى كأنها تخاطب أمهات الطلبة «سيدتي أنت ربيت ولداً جيداً جداً، لا أستطيع وصف مدى تقديري، أنا أحبك لأنك ربيت بشكل جيد»، وزير التعليم كذلك شكر المبتعثين المتطوعين على مبادرتهم الجميلة، ونحن كشعب سعودي نثمن تلك البادرة الأصيلة من الطلبة والطالبات المبتعثين التي أعطت صورة مشرفة عن الإنسان السعودي الصحيح لا إرهابي 11-9 الذي لا ينتمي لثقافتنا ولا لديننا الداعي للرحمة والحب والعطف والعطاء والإيثار. لقد نزل المتطوعون السعوديون للشوارع ليساعدوا الناجين من الإعصار، نظفوا البيوت وساعدوا في بناء البنية التحتية التي تم تخريبها بواسطة الفيضانات.
المسلمون كغيرهم من بني الإنسان، يحبون، يعطون، يهتمون، فالإنسانية لا تتعلق بديانة وعندما تحصل كارثة، فأي إنسان ينتمي لأي دين لا بد أن يساعد، وما يروج من أكاذيب عن الإسلام والمسلمين، جاءت الآلة الإعلامية الاحترافية لتفنده وتنقل صورة مشرفة عن رحمة الإسلام وعظمته.
إن الهوية الأساسية هي الهوية الإنسانية، فالسعودي إنسان قبل أن يكون مسلماً، والتعارف والتآلف بين الشعوب من الأهداف السامية للبشرية، فما نقلته عدسة الكاميرا من خلال الآلة الإعلامية في موسم حج هذا العام من حدثين مشرفين يؤكدان على أن الإعلام المحترف قادر على نقل الصورة الحقيقية للإنسان السعودي وطمس الصورة المشوهة التي رسمها الإعلام المضلل.