سمر المقرن
أي سلوك أو فعل أو ثقافة ضد المرأة فإن منبعها بلا أدنى شك «ذكوري»، أقول هذا وأنا أتابع هذه الأيام إعصار إيرما الذي اجتاح ولاية فلوريدا يوم السبت الفائت، وبالبحث عن سر تسمية الأعاصير أو الكوارث بشكل عام بأسماء نسائية، فإن مخترع هذه الفكرة هو عالم متخصص في الأرصاد الجوية من جنسية أسترالية اسمه (كليمنت راج) حيث أطلق هذه المسميات على نساء يكرههن في القرن الماضي!
التاريخ الذكوري مليء بكارهي النساء، ولا أستثني من هذا الفلاسفة والعظماء ومن نتداول أسماءهم إلى اليوم أمثال (نيتشة) وقد خصصت مقالات سابقة عن بعض الفلاسفة وأفكارهم ضد المرأة. لكن اليوم أجد أن الامتداد الذكوري أعم وأشمل، بأن تكون المصائب والكوارث بأسماء نسائية، وقد وصل هذا الإرث السيء إلى عالمنا العربي، ولم تكن عاصفة «هدى» الثلجية عنا ببعيدة في العام قبل الماضي في الأردن.
من وجهة نظري أن إطلاق الأسماء النسائية على الأشياء الخالدة والأمور الإيجابية هو مبعث للفخر، لكن مع بالغ الأسف في عالمنا اليوم فكرة سلبية لم نستهجنها أو نحاول وضع حد لها، بما في ذلك كل المنظمات والجمعيات الحقوقية في دول أمريكا وأوروبا، التي صمتت أمام تسمية الأعاصير والكوارث بالأسماء النسائية وفي هذا تعزيز لفكرة أن المرأة مرادفة للمصيبة! في بلدان شرق آسيا هناك نضج أكثر، حيث توقفت تلك الدول عن تسمية الأعاصير بأسماء نسائية، وغيرت التوجه الفكري تماماً بإطلاق مسميات مأخوذة إما من الحيوانات أو من بعض النباتات، وإن لم تكن تلك الدول قد صرّحت عن عزوفها عن تسمية الكوارث بالنساء، لكن يتضح من السياق أنها أرادت الابتعاد عن تلك الفكرة الذكورية التافهة، وهذا أمر إيجابي.
من المهم أن نتنبه للإرث الثقافي الذي يحمل في طياته كثير من الأمور السلبية، بما فيها الارهاصات التي تحمل أفكاراً ذكورية وتعادي المرأة بشكل مباشر أو غير مباشر، وأظن المسؤول عن هذه التسميات عالمياً هي اللجان الدولية للأرصاد الجوية، والتي ورثت هذه الفكرة عن (كليمنت راج) ووصم المرأة بفكرة الإعصار وتقلب المزاج بتشبيه مباشر لها بحالة الأعاصير، وفي نظري أن هذه تصرفات إنسانية لا دخل لها بامرأة ولا رجل، وإن كان عالم الأرصاد الأسترالي له تجربة سيئة مع المرأة، فهي تجربة تخصه وحده، ولا يفترض أن تظل إرثاً سلبياً يُلصق بالمرأة!