يوسف المحيميد
حينما نشرت هيئة المواصفات والمقاييس وزن ومقاس الحقيبة الدراسية للطلاب، وأهمية الالتزام بذلك، أرادت أن تحافظ على صحة التلميذ الصغير الذي يحمل خلفه كيلوجرامات من الورق المرهق، وهي حين تفعل ذلك، إنما ترسل رسالة واضحة ومحددة لوزارة التعليم بمراعاة ذلك، وهو ألا يتجاوز وزن الحقيبة 10 بالمئة من وزن الطالب نفسه، وألا يزيد طولها عن حد معين من منطقة الظهر، ومع ذلك سنشاهد مطلع الأسبوع القادم التلاميذ الذين يعانون من حقيبة ضخمة خلفهم، أو بالكاد يجرونها خلفهم كما لو أنهم مسافرين في مطار، وفي رحلة بعيدة، وربما المحظوظ منهم الذي يساعده السائق الهندي بحمل حقيبته حتى باب المدرسة!
وبما أن هذا الموضوع المتكرر كل عام ما زال مستمرًا، ولأنه يرتبط بالتعليم والصحة وهيئة المواصفات والمقاييس، لماذا لا تجتمع هذه الجهات من خلال لجنة أو ما شابه، وتضع حلا مشتركا له، يحمي هؤلاء التلاميذ، بأجسادهم النحيلة، من هذا العبء اليومي، خاصة العالم اليوم يتقدم سريعا في مستوى التعليم والمقررات المدرسية، وفي طُرق التعليم، إلى درجة استخدام التقنية في ذلك.
أتساءل، ونحن في المملكة، إحدى أكثر الدول استخداما للتقنية، لما ننعم به من شريحة شبابية تتجاوز نسبة 70 من تركيبة المجتمع السعودي، لماذا لم نصل بعد مرحلة تحميل جميع المقررات الدراسية في الأجهزة اللوحية الذكية، كجهاز الآيباد مثلا، بحيث يكتفي التلميذ بإحضار هذا الجهاز فحسب، بدلا من حمل مئات وربما آلاف الصفحات الورقية لمجموع الكتب المستخدمة يوميا.
ولماذا لا يستخدم هذا الجهاز بكل ما يتعلق بالعملية التعليمية، من مذاكرة وقراءة وحفظ وحل واجبات وتصحيحها وخلافه، بحيث يمكن الرجوع لهذا الجهاز من خلال معرفين، للطالب وللمعلم، لنختصر بذلك كافة المراحل التي جلبت هموم الكتب التي لا يتردد التلاميذ، وفي مشاهد احتفالية عارمة، عند نهاية كل عام، بتمزيقها ونثر أوراقها في الطرقات وعند أسوار المدارس!
هذه الأسئلة يمكن طرحها ليس على وزارة التعليم فحسب، وإنما على مركز الملك عبدالله لتطوير التعليم العام، ذلك المركز الذي عمل لسنوات طويلة، واستقطب الخبرات والكفاءات المتميزة في مجال التعليم، ودُفعت ملايين الريالات لتطوير التعليم، لكن كل ذلك تبخر، ولم نجد شيئا يستحق، لا دراسات ولا إحصاءات، ولا حلول مبتكرة وتطويرية للتعليم، وإنما بقي الحال كما هو عليه!