د. خيرية السقاف
من إيجابيات التطور التقني في التواصل هو ما أحدثته زيادة «كمية» المادة المعرفية, وحجم «المعلومات» التي يتلقاها الفرد الواحد, وتحديدا من الناشئة..
إذ لوحظ مع سلبياتها العديدة فإن إيجابياتها ملحوظة, ومهمة حين تجدهم قد حظوا بكثير المعلومات, والمعارف, على سبيل المثل معرفتهم بخطورة الإفراط في المواد الغذائية الضارة, والوجبات السريعة, ومركباتها تلك المستهلكة في حياتهم اليومية, وباتوا يعرفون مؤشرات البحث, ومصادر المعلومات الوثيقة لحصد أدق المعلومات عنها, وطرق استخدامها, كذلك زيدت خبراتهم في التعامل مع التقنية الحديثة, وبرامجها, وإمداداتها, وأجهزتها, وأدواتها بشكل بات الأكبر منهم يعود إليهم في مواقف يصعب عليه فيها حل ما يواجه من إشكالات التعامل معها, أو استخدامها, فينقذونه بما تراكم لديهم من معلومات, وتكوَّن عندهم من خبرات يسهل عليهم بها حل ألغاز الأجهزة الذكية الجديدة وغيرها, بسرعة فائقة, ثم هم قد ألِفوا المصطلحات الخاصة بها, وعرفوا مفاتيحها, ومرجعياتها..
نضيف إلى هذا اتساع خبراتهم في التعرف على الأسماء الشهيرة في مجالات مختلفة على مستوى العالم, وغدوا مؤهلين للتعامل مع احتياجاتهم عن طريق الشراء الإلكتروني, وتبادل الأفكار مع أصدقائهم, ومعارفهم, بل تكونت لديهم حصيلة مذهلة من المعلومات التي حين تناقش صغيرهم تبهرك لماحيته, ومعرفته, وسرعة استجابته للموقف, ومدى فهمه في أمور لا تكاد تجد من هو في مرحلته العمرية فيما مضى قد عرفها, أو تمكن منها..
الشاهد في هذا الحديث أن هؤلاء الصغار, اتسعت خبراتهم, ومعرفتهم, ولكن بعشوائية تامة, قد تُلحقها بكثير من الذرات الملوثة, وقد تبدد قدراتهم في فضائها, وهم الخامة اللدنة التي يعرف الجميع مدى مرونتها للتكوين, والتأهيل, والاستيعاب, والتخزين, فالسلوك, ولعل ما هيأته هذه التقنية فائقة القدرة من اليسر في بلوغ أهداف كل ذلك, أن تؤسَّس برامج مواكبة لهذا التفوق التقني لتحفيز دافعيتهم, وإفادتهم, بحماية لدونة إمكاناتهم بجعلها في مسار صناعة نقية فائقة العمق, والسلامة, ذلك يمكن عقولهم ليس بالعابر, ولا بغير الموثوق, ولا بتوافه المعلومات, بل بما يهيئ هذه الخامات الفذة, ويمكنها من تحقيق هدف فذ حين يُصنع منهم بناة للمستقبل المنظور في البعد الغاياتي لإنسان يستحق الرفعة في هذه الحياة.