فهد بن جليد
قبل يومين قدم لي صديق -مشكوراً- علبة فوار (فيتامين C) قال إنَّه جلبها من لندن، وهي خير علاج لما أعانيه من آثار إرهاق الحج، وبعض الاحتقان في الحلق، وقال إنَّه يحرص في كل مره عند عودته من لندن جلب بعض الأدوية الضرورية والأساسية بالكميات المسموح حملها بالطائرة، و قبله بعدة أيام أيضاً أهداني صديق آخر - مشكوراً - علاج( للحرقان) قال إنَّه جلبه من أمريكا، كونه فعَّال بشكل كبير وسريع، ولمدة أطول، وهو أكثر فائدة من العلاجات الموجودة في الصيدليات بمُركباتها الضعيفة.
هذه الموضة لا تخص صديقي فقط، فهي منتشرة وظاهرة عند كثير من السياح الخليجيين, الذين يعودون هذه الأيام بعد انتهاء إجازة الصيف مُحمَلين بهدايا على شكل أدوية( فعَّالة) من صيدليات بلاد برا، تم جلبها دون وصفات طبية، مع علمي أن الكثير من الصيدليات في الخارج لا تبيع أبسط الأدوية إلا بوجود وصفة طبية مُعتمدة، ولكن الموضة أخذة في الانتشار بكثرة، كنوع من البريستيج الجديد عند فئات مُعينة من مُجتمعنا، خصوصاً فيما يتعلق بعلاج( عسر الهضم، الصداع، الحرارة، الاحتقان، والأدوية الجنسية، بعض المراهم، المُكملات الغذائية).
عدم الثقة في فعَّالية وتركيب العلاج المُصنع محلياً و خليجياً لم يأتي من فراغ، فبعض مُستشفيات وعيادات الـ5 نجوم، هي من ساعدة على انتشار مثل هذا المفهوم باعتمادها على استخدام بعض الأدوية المُستوردة - غالية الثمن - بغرض الكسب المادي أو على الأقل وصفها للمرضى لطلبها عبر( الأون لاين) أو عن طريق أحد المُسافرين أو المُبتعثين كنوع من التميز الذي يرغبه بعض المرضى، رغم وجود البديل المحلي الأرخص.
الأمر يذكرنا بحال بعض المقيمين قديماً عندما كانوا يعودون لبلدانهم بأغراض غريبة موجودة لديهم أصلاً مثل( الشامبوهات، الكريمات، الأدوية، والأمر قد يصل إلى بعض الأجهزة الكهربائية) والاعتقاد أنَّها أجود تصنيعاً، وهو حاصل الآن مع بعض المُقيمين الآسيويين عندما يضع أحدهم ثلاثة أرباع تحويشة العمر في( مسجل إستريو أو جهاز موبايل) ليعود به إلى بلده.
هذا الأسبوع أطلق مجموعة من الصيادلة السعوديين الشباب، أول جمعية رسمية للتثقيف الدوائي محلياً، ومن أهدافها المُعلنة نشر الوعي حول الاستخدام الأمثل للدواء وتصحيح المفاهيم الخاطئة حوله، ولعلنا نستبشر خيراً في أن تُفتينا الجمعية الوليدة بحقيقة الفرق في مكونات وفعَّالية الدواء المُصنع سعودياً وخليجياً، ومكونات وفعَّالية الدواء المستورد من أمريكا و أوروبا, والسبب في ذلك.
وعلى دروب الخير نلتقي.