عبده الأسمري
ليس هنالك أصعب من أن يرمى إنسان في خانة النسيان أو أن يظل هائما في ساحة التجاهل.. هنالك ملفات شائكة طالها النسيان هنالك قوائم انتظار في الجمعيات الخيرية تنتظر باحثا أو باحثة اجتماعية يتشبثون بالبيروقراطية الهزلية وآخرون في أطراف البلاد ينتظرون إعانات الضمان الاجتماعي وأسر لفها النسيان من الرعاية الصحية فهم في منازلهم ما بين متاهات البحث عن كاتب معاريض أو سيارة أجرة أو من يرحمهم من الجيران لإيصالهم للمستشفيات ونوع ينتظر الإسكان ومواعيده المغلفة بالخذلان.
مرضى السرطان منسيون من مستشفيات أو مراكز متخصصة دخلوا دائرة النسيان والأورام تنهش أجسادهم فأين هم من ذاكرة حلول ناجعة تؤمن لهم مواقع علاجية متخصصة بعيدا عن تسويفات المستشفيات الحكومية الممتلئة بالحالات والمملوءة بتعقيدات نيل كراسي التنويم.
حاجات أساسية واحتياجات ضرورية من حيث المسكن والملبس والمشرب تحاط بنسيان مفتعل أو فعل منسي خلقته ظروف الفجوة الأزلية بين الخدمة والحل.
كفيفو وكفيفات بصر يئنون صبروا وجاهدوا رغم عوائق البصر تعبوا كثيرا وتعبت أسرهم نالوا الشهادات فارتموا في دوائر من النسيان مطاردين أمنيات تعيينهم بينما المبصرين ينالون مواقعهم المكفولة لهم بضربة الحظ أو بتخبط التخطيط.
جامعات تكتظ بالتخصصات الفائضة عن سوق العمل تعج بالباحثين عن مقعد جامعي يتخرجون فيدخلون في متاهات البحث عن وظائف لتخصصاتهم التي استوعبتهم دون تخطيط فدخلوا دائرة البطالة والنسيان
معاقون ومعاقات ليس لديهم مراكز متخصصة بخلاف الجمعيات التي لم تستوعب الأعداد المتزايدة منهم يظلون أسرى لنسيان مؤقت وتناسٍ دائم في ظل حلول على استحياء لا تخلو من المتاهات.
بين ظهرانينا ووسطنا وبيينا منسيون «كثر « بعضهم حالة منسية بالعصيان الاجتماعي وآخرون طالهم النسيان لعدم وجود أدوات إيصال الصوت إلى أصحاب القرار ونوع أخير وهو الأكثر سئموا وملوا من تذكير الآخرين بحقوقهم فآثروا الارتكان إلى ذواتهم المغلوبة على أمرها جاعلين «النسيان « الإجباري مصيرا محتوما سجله الزمن بتوقيع بائس على حياتهم.
ذاكرة التنمية مليئة بالحلول التي تضمنها الميزانيات والتخطيط والتنفيذ لو اجتمعت هذه العوامل الثلاثة لوجدنا استذكارا مستديما لحالات النسيان ولخرج العديد من المنسيين من دوائرهم المغلقة نحو ساحات الحلول المرتبة ذات الأبعاد المستوعبة للمعاناة وفي إطارات محددة من التعامل الأمثل لحلول تنتشل الغارقين في الهم إلى حيث بر أمان الراحة والاطمئنان والتغيير والفرج.
في ظل التوجيهات المستمرة من قيادتنا الرشيدة بملاحقة الفساد والقضاء عليه ومساواة المناصب والشخصيات جميعا تحت طائلة العقاب في حالة الإخلال وفي مكامن الأخطاء فلا مكان للنسيان ستمحى حدود تلك الدوائر المغلقة وعلى المجتمع أن يكون مبادرا لمساعدة تلك الحالات من مبدأ تطوعي وإنساني ومنطلق وطني وليعي المسؤولون بمختلف مستوياتهم أن ذاكرتهم مسؤولة عن حالات النسيان وأن الحلول أمانة في أعناقهم.
ما بين دائرة النسيان وذاكرة الحلول معادلة منطقية واعتدال مثالي ليكون هنالك اتزان بين المطالب والعطاءات وميزان حق يعادل بين الإنسان والتنمية من حيث الواجبات والحقوق وفي ظل ذلك فليكن هنالك وعي كامل واستيعاب أكمل بين المطالب والمتطلبات بين كفتي الخدمات والميزانيات.