ترجع بي الذاكرة إلى سنين ماضية، وحدث هام -في وقته- وذلك بإعلان الشراكة بين كلا من شركة الاتصالات السعودية ونادي مانشستر يونايتد.
وخلال المؤتمر الصحفي، والذي أقيم بمناسبة الحدث، طرح أحد الصحفيين سؤالا بصيغة الاستغراب على المدرب الأسطورة (اليكس فيرجسون) وكان السؤال «ما الذي يدفع شركة اتصالات سعودية ونادي كرة قدم إنجليزي، لعقد مثل هذه الشراكة؟!».
وكان رد (فيرجسون) مباشراً وبسيطاً عندما قال «نمتلك ما تحتاجه الشركة، وهو ولاء جماهيرنا العريضة. والشركة تمتلك ما نحتاجه، وهو الوصول إلى جماهيرنا بالمنطقة». وهو الرد الذي يمثل أساس الشراكات الناجحة ما بين الأندية الرياضية والشركات التجارية.
فاتفاق أي طرفين للحصول على منافع تبادلية محددة تتم على شكل صفقة تجارية بحتة، لا تعتبر فعلياً شراكة، حتى إن اتفق الطرفان رسمياً على استخدام مصطلح (شراكة). فاتفاقيات مثل الإعلان على الزي الرسمي، أو تأجير أجزاء من منشآت النادي ليست شراكة. يمكن - وبحسب حجم الصفقة وأهميتها - أن تصنف كراعي رسمي، أو راعي فرعي، أو داعم مشارك، أو أي من هذه الألقاب.
الشراكة تنشأ حينما يكون المحور الرئيسي والأهم فيها هو جمهور النادي. ويكون هو الكنز الذي يتنافس الشركاء أنفسهم للوصول له والمحافظة عليه. وتسعى الشركات لعقد اتفاقيات شراكة تجارية مع الأندية الأكثر جماهيرية والأكثر شعبية، وذلك لضمان الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجماهير الرياضية.
ويخضع مقياس مدى نجاح أو فشل مثل هذا النوع من الشراكات على قدرة الشركات على ترجمتها إلى ميزات حصرية يستفيد منها العملاء. وكذلك على مدى تطبيق الأندية لالتزاماتها بشكل احترافي يمكن عملاء الشركات من التمتع بمزايا الشراكة المقدمة لهم.
فالشركات تحتاج إلى وضع إستراتيجيات تسويقية فاعلة وطرح منتجات وبرامج مبتكرة وقابلة للتطوير المستمر، لتضمن استمرارية إقبال وتفاعل العملاء. ففقدان الاهتمام من العملاء، سيحول الشراكة من استثمار ناجح، إلى مجرد زيادة بالأعباء المالية تسعى الشركات للتخلص منه في أقرب فرصة. ونجاح التجربة، يحفز الشركات للتوسع في اتفاقيات مماثلة، ويحفز الشركات الأخرى لخوض التجربة.
كما يتوجب على إدارات الأندية ليس فقط القيام بدورها وتنفيذ التزاماتها، بل بإعطاء الشراكة أهميتها المستحقة، وتخصيص كوادر بشرية مؤهلة تتولى إدارة الشراكة بشكل عمل مؤسسي يتجاوز مرحلة تخصيص مسئول استثمار أو منسق للشريك فقط. فالاتفاقية تعتبر فرصة لإثبات النجاح والتميز في التعامل مع الشريك، لتضمن بناء سمعة إيجابية تدفع بالعديد من الشركات لطلب عقد الشراكات معها بعوائد مالية تزداد ارتفاعاً بزيادة نجاحها وتميزها بتنفيذ التزاماتها.
وبالرجوع إلى رؤية (فيرجسون) وحالة الشراكة بين شركة الاتصالات السعودية ونادي مانشستر يونايتد بعد ما يقارب العشر سنوات، فيمكنني تقييمها بلا تحفظ وكمحايد بعد انتهاء علاقتي بشركة الاتصالات السعودية منذ عامين. فاستمرار الشراكة حتى يومنا هذا، وتوسيع الاتفاقية لتشمل الشركات الشقيقة في دولة الكويت ومملكة البحرين، لهو دليل على نجاح فرق العمل المختصة من الطرفين بتطوير الشراكة بشكل احترافي، يستفيد منه العملاء ولا يزال يشهد إقبالاً ملحوظاً.
** **
محمد سليمان الفرج - مدير عام الشئون الإعلامية ومساندة التسويق في STC «سابقاً»