سعد بن عبدالقادر القويعي
ما بين الإنكار، والمظلومية، يأتي تصريح عادل الجبير -وزير الخارجية السعودي-، تعليقاً على سؤال بشأن استمرارية الأزمة القطرية، بأنه : «لا ضير إذا استمرت أزمة قطر عامين آخرين»؛ كون الأزمة بين دول الخليج العربي، وقطر ليست وليدة اللحظة، فهناك عوامل مباشرة أدت إلى تفجرها بهذا الشكل الدراماتيكي، ودون أدنى مراعاة لقيم، أو قانون، أو أخلاق، أو اعتبار لمبادئ حسن الجوار، أو التزام بثوابت العلاقات الخليجية، والتنكر لجميع التعهدات السابقة.
تعمل قطر على عسكرة الأزمة، بينما كانت مطالب الدول الأربع المقاطعة سياسية، وأمنية، وليست عسكرية؛ إذ يتمحور جوهر هذه الأزمة حول حدود العلاقة الخليجية مع دولة إيران، ومع تنظيمات الإسلام السياسي، - وخصوصاً - جناح الإخوان المسلمين، - إضافة - إلى حدود سياسة الحريات الإعلامية القطرية، وهذا دليل على أن الأزمة ستطول، وستتعقد، - وبالتالي - فإن أي تقارب بين أطرافها قد يتطلب عدة سنوات؛ مما يعني تحول النزاع من المرحلة الحادة إلى المزمنة، ومن هنا تظهر حقيقة الأزمة -القطرية الخليجية-.
على المستوى الاستراتيجي، فإن الأزمة في الواقع ليست مع قطر وحدها، وإنما مع مشروع كامل، كانت القيادة القطرية ذراعا مهما تؤدي دورا وظيفيا فيه؛ من أجل رسم خارطة «سايكس بيكو الجديد»، عندما اندلعت احتجاجات عدة في دول عربية، واحتضنت قطر ما سُمي بانتفاضات ثورات الربيع العربي، -وخصوصا- في مصر، وليبيا، وسوريا، حيث دعمت الدوحة الإخوان المسلمين في مصر، ومثلها دول أخرى سارت على وتيرة المنهج المفضوح؛ فعبثت بأمن المنطقة العربية، وقادت أدوارا مشبوهة بين ثنايا العالم العربي.
في حال انسدت طرق الحل السياسي للأزمة، وهذا السيناريو هو ما أرجحه بحسب المعطيات القائمة؛ وبسبب تدخل قوى خفية تدفع باتجاه بقاء الأزمة، وعدم إيجاد حل توافقي لها، وعدم إلزام قطر بالخط - العربي والخليجي - ؛ باعتبار أن الهدف، والأبعاد لتلك الأزمة أكثر من ذلك بكثير، فإنه من المستبعد أن يكون هناك أي حلّ خارج رؤية دول التحالف الأربع، ولو بمستويات مختلفة على مصالح جميع أطراف الأزمة.