الرجال بأفعالهم وآثارهم، فكم هم الماضون ولكن ذكرهم لا يدوم غير أن أصحاب المقامات بين أولئك كواكب ساطعات لا يغيب ذكرهم ولا يطوى سجلهم، إذا خمل اسمهم أضاء فعلهم في الأرض، وأبو حواس ذلك الرجل الذي ينطبق عليه هذا الكلام، فهو رمز من رموز المجتمع العربي بعد أن شاهدنا جنازته في الخليج والعراق والأردن، فاجتمع عليه الكثير من الناس وحظي بحب الجميع واحترامهم، فهو ظاهرة قبلية ومدنية لن تتكرر متمكن بمشيخته وبعلاقاته الطيبة والمميزة مع الكثير من الناس.
فكنا نسمع عن هذا الرجل منذ الصغر عن صيته وأخباره التي انتشرت بين الكبير والصغير، وكنت حريصاً أن اجتمع به أو التعرف عليه لكن الظروف لن تسمح، فهو من الرجال النادرين لتميزه بالخبرة وقوة الشخصية والوفاء. نعم أفل نجمه وبقي ذكره، غاب عنا بين ما كان الناس في هذا الشهر يتابعون وفاته عبر الفضائيات ومواقع التواصل والصحف فتحتار عندما تريد أن ترثيه من أين تبدأ وما الكلمات التي تفي أبو حواس حقه، يكفي أن نتذكر مواقفه المميزة التي لا تعد ولا تحصى، عشق المبدأ ورفض التلون مخلفاً وراءه آرثاً من الفخر والسمعة الطيبة، وسجل اسمه في خانة النبلاء والفضلاء، كان يسير بعيداً عن الفلاشات والأضواء فكان له حضوره البارز في قلوب الناس وتميز بكاريزما أميرية تتقاطع مع الشخصية المهيبة وتتناسق مع شخصيته المركبة من النبل والفضل. إنها كلمات مؤجزه أحببت بها نقل مشاعري عن شيخ فقده محبوه وأسرته، رحم الله أبو حواس كان له في القلوب حب ووفاء وتقدير وكان رحيله أمراً فادحاً وخطباً عظيماً وحدثاً جلالاً، رحل الجبل الأشم والقلب الأتم وصاحب الأدب الجم، فحقاً للعين أن تدمع وللقلب أن يحزن وسيظل حياً بيننا بسيرته العطرة، فكان شخصية اجتماعية وقبلية محترمة لدى دول الخليج والعراق وسوريا والأردن، فأبو حواس من جيل الأوفياء الذين تمتعوا بالنقاء والعفوية، فالوسيلة الوحيدة المستطاعه للخلاص من تلك المعاناة هي التعبير، فالموت حكمة الله في خلقه خاصة بعد عناء ومرض ورحلة شاقة في الحياة، فمحبوه الكثر في هذه البلاد يفتخرون برجل مثل أبو حواس، لا أقول ذلك من الخيال أو تجميلاً بمقالي بل هو حقيقة لخدمته للكثير من الناس. وختاماً رحمك الله يا أبا حواس وجعل ما قدمته من أعمال في موازين حسناتك وأسكنك فسيح جناته وألهم أسرتك الكبيرة وزوجتك وابنتك الصبر والسلوان.
** **
- ناصر نواف الفهد