خالد بن حمد المالك
من السابق لأوانه معرفة تأثير زيارة أمير الكويت لواشنطن في تحريك الأزمة القطرية باتجاه اختراق المعوقات القطرية التي تحول دون إيجاد حلول لها، فقد كانت تصريحات سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح واضحة في البداية في قبول قطر للمطالب الثلاثة عشر، غير أن دولة قطر سارعت إلى إجهاض ما قاله الأمير الكويتي، واعتباره وكأنه لم يكن.
* *
فقد قامت وسائل الإعلام القطرية وتلك المحسوبة على قطر بالالتفاف على تصريح الشيخ صباح، وبدأ التأويل والتفسير، مع تجنُّب قطر لأي التزام بما قاله الشيخ، من خلال تجييش وسائل الإعلام لهذا الغرض، وتوظيف بعض التفاصيل في إجابات سمو أمير الكويت لإظهار ما قاله وكأنه كلام متناقض، وصولاً إلى التأكيد على أن قطر مستمرة في موقفها في التعاطي مع الأزمة برفض أي حل لها من خلال ما صرح به وزير الخارجية القطري.
* *
فالحوار الذي تطالب به قطر، بما في ذلك الجلوس على طاولة المفاوضات لوضع حد للأزمة، مطلب يمكن تحقيقه إذا كانت الدوحة جاهزة لقبول المطالب الثلاثة عشر وتنفيذها، ومن ثم الانتقال بعد ذلك إلى طاولة المفاوضات لوضع استراتيجية جديدة لعلاقات قطر مع أشقائها الدول الأربع، تقوم على وضع حدٍّ للإرهاب وتجفيف منابعه، ولا تجعل من قطر مصدر تهديد لأمن هذه الدول.
* *
هل نحن على موعد مع حل للأزمة، أو قريبين من وضع حد لها، أقول إجابة على السؤال، إن ردود فعل قطر لا توحي بشيء من ذلك، وإذا كان هناك من اعتقد فور سماعه لتصريحات أمير الكويت في المؤتمر المشترك مع الرئيس الأمريكي، التي أشار فيها إلى تفاؤله بحل المشكلة، أن نهاية الأزمة قد اقتربت، أقول له إنّ قطر بدلاً من أن تتمسك بالتصريحات الإيجابية للحل كما جاء ذلك على لسان أمير الكويت، سارعت إلى إعطاء ما فُهم على أنها لا توافق على هذه التصريحات وما جاء فيها.
* *
ربما أن الدوحة ما زالت تعتقد أنها قادرة على السير بمشروعها الإرهابي حتى ولو تكالبت عليها كل دول المنطقة، وليس فقط الدول الأربع، وإذا كان حدسي هذا في مكانه، وتوقعاتي تلامس الواقع القطري المريض، فإن ذلك يثير المزيد من الهواجس بأننا لازلنا أمام دولة صغيرة ولكنها خطيرة، وأنه كان من الخطأ - بحسب ما أراه شخصياً - تجنُّب التدخل العسكري لملاحقة الإرهابيين حيثما وُجدوا في الأراضي القطرية، مع أنّ الدول الأربع نفت ذلك، وأكدت بأنه لم ولن يحدث، وهذا هو الخبر الصحيح.
* *
من المهم أن تُوظف الآراء والمعلومات الإيجابية التي تحدّث عنها أمير الكويت في نزع فتيل تداعيات الأزمة القطرية، وألا نسمح لأعدائنا من الدول والمنظمات والكيانات والأفراد المرتبطين بقطر، بأن يحرقوا كل أوراق الحل لهذه الأزمة التي لم تدرك الدوحة خطورتها بعد على النظام والاستقرار في دولة قطر، بحسب ما نراه من عدم فهم النظام واستيعابه وقراءته القاصرة للتطورات المستقبلية المتسارعة، إذا ما طال أمدها وامتد غليانها.
* *
حل الأزمة يأتي باعتراف النظام القطري بالخطأ، والشعور بمسؤوليته عن ذلك، واستعداده فعلاً للقبول بالمطالب التي قدمتها الدول الأربع، وجاهزيته للجلوس على طاولة المباحثات ليس لمناقشة هذه المطالب، وإنما لبناء إستراتيجية جديدة للعلاقات مع الدول الأربع، والتوافق على سياسات تجنِّب دول المنطقة الإرهاب الذي يأتي لها من قطر.
* *
قد نحتاج إلى بعض الوقت للتعرُّف على مزيد من ردود الفعل والتعامل مع تصريحات الأمير الكويتي، وكما قال فقسم كبير من هذه المطالب الثلاثة عشر سيحل إلا ما كان يمس السيادة، ولا أحد يختلف في ذلك، فسيادة قطر مصانة ومحفوظة لدى الدول الأربع، غير أن هذه المطالب ليس فيها ما يمس السيادة، ويمكن لأمير الكويت - وهو الوسيط المرحَّب فيه - أن يفسِّر لنظام تميم ما جهلوه عنها، للتسريع بالخروج من هذه الأزمة القطرية المفتعلة.
* *
نريد إنقاذ قطر من هذه الأزمة بأقل الخسائر، ولكنها تعاند، وتصر على مواقفها العدوانية، وقد فوَّتت كل الفرص التي أتيحت لها لتتجاوز أزمتها الخانقة، وآخرها هذه التصريحات الإيجابية في كثير منها لأمير الكويت التي أدلى بها من العاصمة الأمريكية، غير أن استمرار الضغط على قطر، والتعامل مع سياساتها الخطيرة بحزم، ربما أخَّر الحل، ولكنه لن يبقي الأزمة في حالة استمرار وثبات دون حل، وهو ما يجب أن يفهمه نظام تميم.