أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: كل يوم نروع بفقد حبيب عزيز على قلوبنا ونحن بعدهم على الأثر إلى أجل مسمى عند ربنا سبحانه وتعالى لا نعلمه؛ لأنه أحد المغيبات الخمس؛ فكل واحد منا هالك بن هالك، وذو نسب في الهالكين عريق.. اللهم يا ربنا اجعله لي ولكافة إخواني المسلمين هلاكا بمعنى فقد ما هو متاع وما بعده خير منه؛ لأنه النعيم المقيم، وما قبيله الحياة الطيبة.. ويقلقني اليوم، ويمرضني أن العقل في أكثر العالم العربي والإسلامي هالك هلاك البائسين الناسين نعيم الآخرة وعذابها ولا سيما في سوريا تجاه دول الأطماع العالمية الظالمة الغازية أمتنا؛ فهم عند أبناء جلدتنا: (حزب الله).. واحرباه!!.. إن كنتم تقرن أنهم (حزب الله) فلماذا تحاربونهم وحزب الله هم المفلحون؟.. واحرباه مرة ثانية من الهزيمة الروحية!!.. كلا، ولا والله ما هم حزب الله؛ بل هم والله قسما برا حزب الشيطان لعنه الله ولعنهم.. ثم بعد هذا كله: لماذا لا يكون القنوت ولوفي البيوت بالتضرع إلى الله أسوة بتضرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحرج المواقف حتى أشفق عليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ورفع للرسول -صلى الله عليه وسلم- رداءه الذي انحسر من شدة تضرعه ورفعه كفيه الشريفين إلى السماء؛ وحينئذ يحصل الفرج بالقضاء على ظاهرة التبرج عند الشابات والعجائز، والجميلات وغيرهن؛ وحينئذ أيضا يأذن الله برحمته بالترفع عن الاحتكام إلى أعدائنا من دول الظلم العالمي الذين ننتظر اليوم النصر والإنصاف من قبلهم؛ وحينئذ مرة ثالثة ننجو من مغبة التشبه بأعداء أمتنا لغير ضرورة مؤقتة، ونتشبه بالسلف الصالح في اللباس المقارب الرداء والإزار والعمامة.. وبإعفاء اللحية بمقدار قبضة اليد، وحف الشارب.. وإنا لنرحب بقول الشاعر في ببيته الطيار، ونأبى تصوفه الحلولي الاتحادي:
وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
وأعداء أمتنا ليسوا كراما فنتشبه بهم.
قال أبو عبدالرحمن: ومن الهزيمة المؤلمة: أن مبيد الشعب السوري، وجالب أعداء الأمة: (هيت لك)؛ لنتقاسم المغانم، ونشرب الدماء: هو (الجيش النظامي)، وأن الشعب المظلوم هو (المعارضة)؛ ولا يوصف كيانها بأنه جيش؛ بل عصابات شذر مذر!!.. فإن كان آل الجحش (كما سماهم أهلهم، وكما هو بسبيل مقيم في خريطة الأطلس: عين الجحش): فبأي حق تعارضون جيشا نظاميا سواء أكان بمفهوم قانوني تؤمنون به، أم بمفهوم شرعي؛ وأظنكم لا تؤمنون بغيره.. والمفهوم القانوني؛ أي القانون للا قانون (؛ أي القانون لغير القانون): يعني أن اغتصاب السلطة بمثل مذبحة حماة على يد (حافظ الجحش)، مع اغتصاب الحقوق، والتهجير، وإشاعة الفقر، والترويع بعين الرقيب؛ حتى كان الابن لا يأمن أباه، والزوج لا يأمن زوجته، والفرد لا يأمن جليسه من صديق أو قريب؛ فكل هذا قانون ذبح أمتنا لا نأبى وصف رواده آل الجحش به، ولكن أمتنا تأبى المغالطة به بما يوحي بأنهم على نظام كريم.. وإن كان النظام شرعيا؛ وذلك محال في الواقع: فكيف استبحتم معارضة حق شرعي.
قال أبو عبدالرحمن: وعودا على بدإ؛ والعود غير أحمد إلى حزب الشيطان: أتساأل: كيف يدخل في حزب الله من يكون سعيه القصد إلى المسجد الحرام، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومساجد المسلمين؛ لإحداث ظلم بإلحاد فيهن، ويخيف الآمنين ؟!!.. ولولا الله ثم خدام الحرمين الشريفين من آل سعود (؛ ولاسيما عاصفة الحزم): لكان المسجدان الآمنان مراغة وملعبا لحزب الشيطان؛ وللبيت رب يحميه، والله سبحانه وتعالى جعل آل سعود حماة العرين.. وكيف يكون من حزب الله من يلغي الركن الخامس من أركان الإسلام؛ وهو الحج إلى بيت الله الحرام، ويحدث افتراء على الله؛ وذلك بدعوى أن يكون الحج إلى (قم) التي ابتدعها في ذنب الدين (الخميني) قبحه الله ؟!.. وكيف يكون من حزب الله من استبدل عبادة الله في المساجد (؛ التي يذكر فيها اسم الله، وتطيب وتطهر) بعبادة المشاهد، ودعاء غير الله كعبادة الحسين رضي الله عنه ولعنهم ؟!.. وكيف يكون من حزب الله من يرى أن الدين لم يتم منذ أن بعث الله عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى هذه اللحظة، وأن الدين سيتم آخر الزمان بمصحف فاطمة رضي الله عنها الذي سيظهر مع طفل كان مختبيا في السرداب (وهو لا يزال طفلا منذ أربعة عشر قرنا ؟!!).. إذن أين منة الله على عباده بقوله سبحانه وتعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا{ (1-3) النصر، وقوله سبحانه وتعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (3) سورة المائدة؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم في كفرهم وعبثهم واستهزائهم لم يبلغ دين ربه، والله سبحانه وتعالى في كفرهم لم يقل: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (21) سورة المجادلة؟!.. وكيف يكون من حزب الله من يتخذ وليجة من دون الله من أمثال النصيرية، وعلمانييي روسيا التي كانت ماركسية، ويهود الشتات في كل دولة وليسوا من ذرية إسرائيل عليه صلوات الله وسلامه وبركاته؛ والله سبحانه وتعالى هو الهادي؛ وهو سبحانه وتعالى المبين صفة حزبه بقوله الكريم: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (22) سورة المجادلة؟!، وقال سبحانه وتعالى عن فئة أخرى مثلهم: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} (139) سورة النساء؟!.. وهذه الأمة المسلمة التي أثنى الله عليها بقوله سبحانه وتعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (110) سورة آل عمران.. وذلك الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي هو أعبد العابدين ربه، وأعلم الناس بحق ربه، وأشجع الشجعان الذي قال الله سبحانه وتعالى عنه: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (153) سورة آل عمران.. وأولئك الصحابة البررة الكرام الذين قال الله عنهم: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (173-174) سورة آل عمران، وقال الله عنهم أيضا في معرض الإخبار عن المنافقين: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (22-23) سورة الأحزاب.. هؤلاء الأخيار خيار الأمم: لقوا ربهم في دعوى حزب الشيطان والدين لم يكتمل ؟!.. حاشا وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولعائن الله تترى على حزب الشيطان.. والذي ينتظر هو طلحة رضي الله عنه الذي أكلت السيوف من أصابعه ويديه وهو يجاهد في سبيل الله، ويدرأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهذه الخشارة من حزب الشيطان يلعنون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، ويعبدون من دون الله (الخوميني) قبحه الله ولعنه، وقبحهم ولعنهم.
قال أبو عبدالرحمن: ومما روعنا به ونحن في الأثر وفيات فضلاء عمروا الساحة بالتوعية الفاضلة، وأذكر منهم الآن الأستاذ (محمد العجيان) [1362- 1438هـ] رحمه الله تعالى الذي عايشته لما كنت من كتبة جريدة الرياض، وعايشته في العمل الرسمي، وعايشته في زيارات متقطعة للشيخ محمد بن عبدالعزيز بن هليل بديوان المظالم وهو يريد نشر نظمه بالجريدة؛ والعجيان يتعامل معه ببر وتحفظ معا؛ وكانت جريدة الجزيرة من المبادرين بالخبر عن لقائه ربه رحمه الله تعالى؛ وهكذا صنيعها مع غيره؛ وذلك بجريدة الجزيرة في الأعداد التالية: 16404 في الخبر عن وفاته، وفي عدد نشرته الجزيرة عام 2008 ميلاديا خصصته للاحتفاء بالعجيان؛ ومما جاء في هذا الاحتفاء قول أخي عبدالله الماجد: (( ولد صحفيا موهوبا.. علم نفسه وأجاد تعليم نفسه، ثم علم آخرين في المهنة.. كان امتيازه هو ذكاؤه المفرط الذي لا يشعر به من يعيش بقربه، أو يعمل معه؛ لكن هذا الذكاأ يظهر بدون ادعاء في كل عمل يعمله، أو يوجه بعمله.. علم كثيرين [الصواب: كثيرا] أساليب المهنة دون ادعاء، ومعظم الذين ارتقوا إلى مراكز قيادية كانوا من تلاميذه، أو ممن دفع بهم إلى الصدارة)).. ونشرت جريدة الجزيرة مقالة (محمد العجيان الصحفي الإنسان) للأستاذ القشعمي؛ ولتنقيبه وتدقيقه حديث يأتي في عدد قادم إن شاء الله تعالى؛ وأنا به خبير.
قال أبو عبدالرحمن: ولا أهمل سبق جريدة الرياض في الخبر عن عمدتها في ذلك الوقت بعدد يوم السبت 4-12-1438هـ.. ولما ينتهي الآن بث الكث عن حزب الشيطان؛ فإلى لقاء عاجل قريب إن شاء الله تعالى، والله المستعان.