ياسر صالح البهيجان
على الرغم من الجهود المبذولة في تحسين المتحف الوطني بالرياض، إلا أن حجم الإقبال عليه من قِبل السكّان لا يزال دون المستويات المأمولة، ما دفعني إلى التجوّل في المتحف بهدف البحث عن العوامل غير الجاذبة فيه، والتي تتطلب تطويرًا يمنحه قدرة أكبر على أداء دوره التأريخي البارز، وليرتقي بخدماته إلى مصاف المتاحف الدولية الشهيرة التي تحوّلت إلى معالم سياحيّة جدير بأن توضع ضمن أولويّات السيّاح فضلاً عن المقيمين في المدينة ذاتها.
المتحف في وضعه الراهن يضم العديد من القطع الأثرية المهمة، ويسرد سيرة ديننا الحنيف ونبينا الكريم ويشير أيضًا إلى المواسم الدينية الكبرى كالحج، ويعرّج على مراحل تأسيس الدولة السعوديّة، وخطوات تطوير الحرمين الشريفين، وطريقة اكتشاف الثورة النفطيّة، وغيرها من الأحداث البارزة، إلا أن المأزق الذي لم يتفاداه القائمون على المتحف هو أن استعراضهم للوقائع التاريخيّة جاء مصمتًا، ودون أي مواكبة للتطورات التكنولوجية وأساليب المحاكاة الحديثة، والتفاعل المرئي والصوتي، ما يجعل المتجوّل يصاب بالسآمة سريعًا؛ لأن آليّة العرض تقليديّة ولا تنسجم مع روح العصر وتطوراته التكنولوجية.
المتاحف الدولية الكبرى لا تكتفي بسرد الأحداث بالصور أو المخطوطات أو الآثار، وإنما تتجه لجعلك جزءًا من تلك المواقف عبر تقنيات المشاهد السينمائية ثلاثية الأبعاد، وبوساطة الشاشات التفاعليّة، لتجد نفسك أمام رحلة ممتعة من الحاضر إلى الماضي، وتتنقل من زمان إلى آخر دون رتابة، لذلك تمكنت من النجاح. وأجزم بأن اتخاذ خطوات مماثلة من شأنها أن تعيد الحياة مجددًا إلى متاحفنا الوطنية كافة؛ لأن لدينا الإرث الحضاري والتراث الأصيل، وما نحتاج إليه هو إدراك تغيّر آليّة تلقي الجمهور، وأن نؤمن بأن ما كان صالحًا قبل عقد من الزمان لم يعد كذلك في اللحظة الراهنة.
لا نطالب القائمين على متاحفنا الوطنية بإعادة اختراع العجلة من جديد، وإنما الاطلاع على التجارب الدولية المتميّزة، والبدء بالتحوّل نحو متاحف تفاعليّة تشعرك بأنك في عام 2017، وهذه التحولات الجوهريّة من شأنها أن تعزز قيمة الولاء والانتماء للوطن لدى الأجيال الناشئة، وقادرة على أن تُظهر الوجه الحضاري لمملكتنا أمام المجتمعات الأخرى، وبإمكانها توفير بيئة ترفيهية متينة تتماشى مع مساعي تطوير القطاع الترفيهي.