حمامةَ البلدِ المأمونِ في حرمٍ
يا عذبةَ اللحنِ يا قدسيَّة النغمِ
ماذا لديكِ من الأنباءِ صادقةً
فالمرجفونَ على دَأْبٍ منَ التهمِ
أما رأيتِ وفودَ الحجِّ آمنةً
أما سمعتِ وبعضُ القومِ في صممِ
أدوا المناسكَ في يسرٍ وفي دعةٍ
ما بينَ مُفْتَتِحٍ منهم ومُخْتَتِمِ
حلوا مشاعرَ أرضِ النورِ ما فتئوا
يحفُّهم خادمُ البيتينِ بالكرمِ
سنَّ المليكُ لنا عرفاً توارثه
إخوانُه الصِّيْدُ عن آبائهِ العَلَمِ
عبد العزيزِ الذي جالت فوارسُه
أرضَ الجزيرةِ فانقادت لمُحْتَكَمٍ
بأن خدمةَ من حجوا أو اعتمروا
النعمةُ الحقُّ قد أربت على النعمِ
كذاك كنا وما زلنا على خلقٍ
قد استوى فيه ذو الريعانِ والهرمِ
قل للذي زاد من غلوائه حَنَقٌ
حتى استقرَّ مع الأحقادِ في الظُّلَمِ
لئن حسدت من الرحمن مكرمةً
تمت علينا فلمْ تهنأ ولم تنمِ
ورمتَ أن تركب الأهواءَ محتسباً
أن تنطح الجبل الراسي على القممِ
فإن سلمانَ لا شيءٌ سيعجزهُ
ولو تحصَّنَ بالكفارِ من إِرَمِ
لكنه والسجايا فيه كاملةٌ
عليهِ عزَّ ذوو الأوشاجِ والرَّحِمِ
فلا يظنَّنَّ قومٌ حِلْمَ سيِّدِنا
عجزاً فقد تُعقبُ الأحلامُ بالنقمِ
وليحذرِ البانون سداً من خَيَالتِهم
كسدِّ مأربَ سيلَ الفاتكِ العرمِ
طرْ يا حمامُ فهذي الأرض مملكةٌ
لا وكرَ قبَّرةٍ في ملكها القزمِ
طرْ يا حمام وغرِّدْ عن مناقبنا
في سالف الدهرِ حتى آخرِ الأممِ
شيخٌ بنجدٍ مقيمٌ في ثرى وطنٍ
ما جاسهُ أحمرُ الأتراكِ والعجمِ
وحوله أنجمٌ من آلهِ زَهَرٌ
يا طيبَ منْتَشَقٍ من فوحِ ذِكْرِهِمِ
هذا أنا قد سقيت اليومَ صافيةً
ما شابها كدرٌ من كأسِ حُبِّهِمِ
حمامةَ البلدِ المأمونِ ناظرةً
إلى الجهودِ فما بالُ الجحودِ عمي
هب المليكُ وهبت معْه دولتهُ
يا خيرَ من هبَّ للحجاجِ والحرمِ
أتى منىً وظلال الحق تتبعُه
أبٌ شفيقٌ وراعٍ غيرُ ذي برمِ
واستنفر الجندَ والطاقات أجمعَها
صونَ العهودِ وإبلاغاً لبرهمِ
حتى انتهى الحجُّ لا شيءٌ يكدرهُ
إلا نعيقُ الذي ماتوا بغيظهمِ
كم يستخفون بالإعلامِ أفئدةً
ما أدركت أن كلَّ السمِّ في الدسمِّ
وكم يريدون أن تنفك عقدتُنا
في ذاك يسعون أعواماً بلا سأمِ
وما يورون عنا في جوانحهم
قد فاق كلَّ مراد القومِ من عِظَمِ
لأي شيءٍ أما كنا على طبقٍ
من الوفاءِ وأخلصنا لودهمِ
لكننا قد وكلنا الأمر أجمعه
لقادرٍ عن كثير الإثم لم ينمِ
** **
- خالد الغيلاني