د. خيرية السقاف
تنبت أفراح القلوب لحظة نصر, ونجاح, ونوال..
كل لحظة اكتساب, واجتياز, وخلاص, وبلوغ تتضافر الأفراح وإن خصت, فإنها تعمُّ..
حيث يفرح الكل لفرد, والثلة لأفراد, والمجتمع لفريق فيه, أو رمز بين شخوصه..
والفرحة زهرة ورد من ورقات كانت القلوب البريئة تعدها حين تمايز بين النفي, والإيجاب لتبلغ حظها من قلوب أحبتها , أو نصيبها من نجاح مبتغاها!!..
الفطرة في الإنسان تقول هذا, أن يفرح فيفرح الأنقياء لفرحه..
والفرح لا يتم بلا وقود, وبلا إشعال مصابيحه ليبلغ أوجَه, وغايته
هذه المشاعر الإيجابية في مشاركة فرح تبث في الفرح معناه, وتعلي مبناه, وتمكنه من بلوغ مداه..
الفرح قد تتلاشى آثاره في النفوس, ومعالمه في الوجوه, والكلام إن مرَّ بواحد لا من يشاركه, لكنه يثري, ينبت عرائش شوق لحرثه, وإروائه, وجَنْـيه, واستطعامه حين تثريه جداول المشاركة, ووهج المدِّ, وأجواء الرضا..
كيف يكون الفرح حصادا ليس لواحد حين يكون الواحد هو الكل ؟
فرحا يصنعه الحس الكلي في الذوات, والذات الجمعية من الذوات المفردة؟!..
يصنعه مجتمع تتفاوت أطيافه, تختلف أطوالها, وألوانها, وأفكارها, ولهجاتها, وأدوارها ؟!..
ذات تبدأ من قمة جَـبله, لسفح ثراه, من اتجاهاته الستة, الثمانية, الأربعة, بسعة دوران الكرة من حوله هذا الجبل الوطن؟
هو هذا الفرح الذي صُنع هنا بيننا خلال أيام قليلة عبرت..
هذه الفرحة العارمة التي اجتاحت النفوس في صدر كل فرد بنجاح موسم الحج,
تكرر عبورها بهذه النفوس لحظة تأهل منتخب الوطن «للمونديال» العالمي القادم, فالتقت كل الذوات في فرحة واحدة..
وبفارق المقارنة بين تفاصيل نجاح موسم الحج , وبتفاصيل هدف التأهيل الكروي, فإن وردة النجاح أشاعت عبقها فشملت, صنعت الفرحة للذات الكلية, بالحس الفردي, وبلغت..
وحين تجتمع الأطياف في أنحاء الوطن على نبضة واحدة, بحس متماثل, لا اختلاف في لونه, ولا إيقاعه , فإنه الحصاد الذي به تقوى الشعوب, وتنهض همم أفرادها..
فليكن هذا التَّوحد في التفكير الجمعي, لصناعة الفرحة ذاتها بنجاحات أكثر, وبمكاسب دائمة لمشاريع الوطن, على كل صعيد, وفي أي مجال, ما هو للتطوير, وما هو للإنشاء, وما هو للبناء المستديم..
أدام الله للوطن أفراحه, وذاته الموحَّدة, بإحساسها الجمعي, وطموحاتها العليا, ومكاسبها المتجددة.