د. عبدالرحمن الشلاش
موضوع المتاجرة بالدين ليس وليد هذا الزمن بل إنه موغل في القدم. وجد في الديانات السابقة للإسلام ويعني استغلال الدين وما أنعم الله به على البعض من علم أو قبول لدى الناس أو مواهب في الخطابة والبلاغة من أجل كسب المال وتحقيق المجد الشخصي والشهرة بالرغم من أن الدين دعاهم للزهد والاحتساب وتقديم الآخرة على الدنيا، وعدم كتم العلم بل إبلاغه للناس دون مقابل.
تحول موضوع المتاجرة بالدين في هذه الأيام إلى قضية مؤرقة بسبب الهوس الذي تسببت فيه مواقع التواصل، وحالة الوعي المتدنية جدًا لدى شريحة عريضة من المتابعين خاصة من يفتقدون للمعرفة والثقافة فأصبحوا يصدقون كل شيء حتى ولو كان من الخرافات، أو ما لا يستسيغه العقل من القصص الخيالية أو المحبوكة بعناية.
كل هذا يتم تحت غطاء الدين لأن من يمارسون هذه الأفعال يظهرون للناس بوصفهم دعاة كي لا يستطيع أحد الاقتراب منهم أو ردعهم، بينما أغلبيتهم لديه هوس باستقطاب أكبر عدد من المتابعين بل إن بعضهم لا يجد أي حرج في أن يصرح بعدد متابعيه وتفوقه في ذلك حتى على رؤساء بعض الدول وبعض المشهورين وغيرهم. همهم في تنقلاتهم تصوير أنفسهم ومخاطبة جماهيرهم كأن يقول أحدهم: أنا الآن في مؤتمر أو بضيافة ذلك الرجل البارز أو أقوم بزيارة أو موجود في مهرجان لينعم بعدها بالتعليقات الداعمة والمحفزة وإعادة التغريد أو الإعجاب بالمقطع أو التغريدة.
أثناء موسم حج هذا العام ظهر للناس شخص يقال: إنه داعية من إحدى الدول العربية طالما أزعجنا بصوته المبحوح وحماسته المبالغ فيها، ظهر وليته لم يظهر لأن المقطع نال سخط وسخرية كثير من المتابعين بسبب محتواه الذي ينطوي على مساومة للمتابعين حين يقول أنا الآن في عرفات أدعي لمتابعيني في الفيس بوك يعني من يريد الدعاء له عليه أن ينضم حالاً لصفحته في الفيس بوك وهذا تسويق أو ترويج ومتاجرة باسم الدين ممجوج ومرفوض. ظهر هذا الشخص بمظهر القداسة والكهنوت وكأن دعوته مستجابة ولا تقبل دعوات الخلق إلا عبر صفحته.
يحدث هذا على أرض عرفات الطاهرة، أما على مستوى المتابعين فأعتقد أن الأمر يحتاج إلى جرعات مكثفة من الوعي قد يطول أمدها!