م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. اقتربت المسافة كثيراً بين الحاجات والرغبات.. ففي زمن الرخاء والرفاه أصبحت الرغبات حاجات.. فعدم شرائك لزوجتك أو ابنتك شنطة يد «لويس فوتون» أو ساعة «رولكس» يمكن أن يسبب لها أزمة صحية!
2. ذات الحالة تصيبنا في قيمنا.. حينما تصبح الفجوة كبيرة جداً بين الموقف الذي تتخذه والحقيقة التي تعرفها.. هذه الفجوة في تناسب عكسي مع ضيق أو اتساع الفجوة بين الرغبة والحاجة.. هذه الفجوة أطلق عليها أحد علماء النفس اسم (الظل).. ويقصد به الفراغ الذي يفصل بين ذاتنا الحقيقية والقناع الذي نرتديه أو الصورة التي نظهر بها.. وكلما اتسعت الفجوة بين الذات والقناع ازداد الظل امتداداً.. حتى يعمينا أن نرى فتنحرف وجهتنا.. فتنحرف حياتنا.
3. ونحن صغار نلعب كنا لا نمرر الكرة إلا لمن نحبهم أو نعرفهم.. وبعد أن كبرنا ما زلنا لا نمرر الفرص إلا لمن نحبهم أو نعرفهم.. الكفاءة والمهارة تأتي في المركز الثاني في هذه الحالة.
4. اتساع الفجوة بين الذات والقناع يؤدي إلى إشكالات عديدة تؤثر على رؤيتنا للأشخاص والأمور والأحداث.. فلا نعود نبصر بوضوح وتصبح نظرتنا انتقائية تصيب نجاحاتنا في الحياة في مقتل.. حيث تفقدنا تلك الفجوة وسيلة الاتصال بالآخرين فلا يعد بمقدورنا أن نرى الأحداث من منظورهم.
5. نردد دائماً جملة (الشيء بالشيء يذكر).. وهي محاولة لتبرير لماذا إذا حدثنا أحد عن أطفاله حدثناه عن أطفالنا.. وإذا حدثنا عن سيارته الجديدة حدثناه عن سياراتنا.. وهكذا في بقية أمور الحياة من إجازة وعمل وخلافه.. وكأن هذه وسيلة للمشاركة والتفاعل.. بينما هي حالة من المنافسة الداخلية.
6. «نحن بشر ولسنا آلات» مقولة تصف أحد وجوه الأقنعة التي نستخدمها.. فعندما ننكر على الآخرين احتياجاتهم ونعطي الأولوية لما نريد.. وحينما نضفي لباس المنطقية على تصرفاتنا ونخلعه عن تصرفات الآخرين.. وحينما نرى الناس أصنافاً ودرجات وليسوا بشراً لهم احتياجات مثلنا.. وحينما نستدني الخير ونستبعد الشر.. وحينما ننزع نحو رفع المغالاة في ثمن ما نملك وبخس ثمن ما يملكه الآخرون.. فنحن بذلك نكون قد ارتدينا القناع الذي يحجب ذواتنا.
7. تتشكل مواقفنا في الحياة غالباً نتيجة حاجات وأحياناً أخرى نتيجة رغبات.. وهنا تكمن الذات وينفصل القناع.