ماجد البريكان
يعد موسم الحج لهذا العام، من أنجح المواسم، التي مرت على تاريخ المملكة العربية السعودية، بشهادة الجميع، وذلك بعدما سخرت الدولة كل مقدراتها وإمكاناتها، في تسيير أكبر تجمع بشري عرفته البشرية، قوامه 2.8 مليون شخص، تمركزوا في وقت واحد، داخل منطقة محددة المساحة لمدة خمسة أيام متواصلة.
نجاح موسم الحج جاء بشهادة الكثيرين، العدو قبل الصديق، فالكل رأى وتأكد أن المملكة لم تبخل بشيءٍ، من أجل تأمين سلامة ضيوف الرحمن وتعزيز راحتهم، منذ اللحظة الأولى التي وصلوا فيها إلى أرض المملكة، وحتى يغادروها سالمين غانمين بإذن الله.
وقد أوجزت الكلمة التي ألقاها وزير الحج والعمرة الدكتور محمد بن صالح بن طاهر بنتن، أمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حجم الجهود التي بذلتها حكومة المملكة، ممثلة في جميع الجهات الأمنية والصحية والفنية والإدارية والطوافة والخدمات اللوجستية، من أجل نجاح موسم الحج، وتحقيق أعلى معايير الأمن والسلامة لضيوف الرحمن، وما لفت نظري في الكلمة، أنها أكدت للجميع أن حماية ضيوف الرحمن، وتأمين سلامتهم، يعد أولوية من أولويات ولاة أمر هذه البلاد، منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ـ طيب الله ثراه ـ، وإلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله-.
ولا أبالغ إذا أكدت أن نجاح موسم الحج كان أمرًا متوقعًا لجميع المواطنين ولجميع المحبين لهذه البلاد الطاهرة، خصوصًا بعد الحملة التي أثارها بعضهم، وطالبوا فيها بتدويل الحج لأهداف خبيثة كشف الله زيفها فيما بعد، وآخرون أرادوا تسيسه وإخراجه من روحانياته وإيمانياته التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتحقيق أهداف سياسية، بعيدة كل البعد عن متطلبات «الركن الخامس»، فكانت المملكة بالمرصاد لأصحاب هذه الحملات الآسفة، وأرادت أن تلقن هؤلاء درسًا في تنظيم الحشود البشرية، وتفويجهم بسلاسة ويسر، بين المشاعر المقدسة، في تناغم أذهل العالم، وأثار إعجابه، وأكد لمن يهمه الأمر أن المملكة صاحبة خبرات متراكمة في تسيير رحلات الحج، وتأمين سلامة الحجيج، وتقديم الخدمات النوعية لهم على مدار الساعة، وهذا ما لمسه جميع الحجيج، بمن فيهم الحجاج الإيرانيون والقطريون الذين أشادوا بما لاقوه من معاملة حسنة وخدمات رائعة من مسؤولي المملكة، فلم يكن أمامهم سوى أن يقدموا شكرهم للمملكة قيادة وشعبًا.
وإذا جاز لي أن أرسل رسائل تحية تقدير واحترام وإجلال، فهي «أولاً» لخادم الحرمين الشريفين، الذي تابع كل صغيرة وكبيرة في ملف الحج، ووجّه بتسخير مقدرات الدولة لخدمة ضيوف الرحمن، ورسالتي «الثانية» لرجال الأمن، الذين واصلوا الليل بالنهار، وهم يقدمون كل الخدمات لضيوف الرحمن، وأبرز هذه الخدمات تعزيز نعمة الأمن للجميع، حتى يؤدوا نُسكهم في طمأنينة وراحة لا نظير لها في العالم، ورسالتي «الثالثة»، أبعث بها إلى كل الوزارات والجهات التي شاركت في تنظيم هذه الشعيرة، مثل وزارات الحج والصحة والكشافة والطوافة والمياه والكهرباء إلخ، تلك الجهات التي استشعرت مسؤوليتها تجاه ضيوف الرحمن، فعملوا بكل جد ونشاط، دون مراقبة أو توجيه من أحد، من أجل توفير أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، فجزى الله الجميع حسن الثواب نظير عطائهم اللامحدود.